أكدت مجلة "إيكونوميست" البريطانية، في تقرير بعنوان "المخاطر الكامنة تحت أنقاض غزة"، أن القطاع المدمر قد يحتوي على أكبر عدد من القنابل غير المنفجرة في العالم، محذرة من أن هذه الذخائر تعد من أخطر آثار الحرب على المدى الطويل، إذ تستمر في قتل وتشويه المدنيين حتى بعد توقف القصف.
قنابل صامتة تحت الأنقاض
وأوضح "التقرير"،أن بعض القنابل التي ألقاها الجيش الإسرائيلي زودت بآليات تفجير مؤجل، لتنفجر داخل المباني أو تحت الأرض، ما يزيد من صعوبة العثور عليها وإزالتها.
كما أظهرت قاعدة بيانات أممية أن أكثر من 53 شخصا استشهدوا وأصيب المئات نتيجة مخلفات حرب الإبادة التي استمرت عامين، فيما ترجح منظمات الإغاثة أن العدد أكبر بكثير.
ضحايا بلا نهاية
وذكر "التقرير"، حادثة مؤلمة لطفلين توأمين، يحيى ونبيلة الشرباصي، البالغين 6 سنوات، واللذين أصيبا إصابات بليغة بعدما لعبا بقنبلة ظنا أنها لعبة.
كما تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن كمية الذخائر غير المنفجرة في غزة تتجاوز 7 آلاف طن، وتنتشر في حوالي 40% من الأحياء السكنية، مع تركز أكثر من 3 آلاف طن في مناطق بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا.
وإلى ذلك، قارن "التقرير"، الوضع في غزة بما حدث في المدن البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية، مشيرًا إلى أن هذه القنابل قد تستمر في الظهور عبر أجيال.
مهمة قد تستغرق 30 سنة
ومن جهتها، تقدر منظمة "هيومانيتي آند إنكلوجن" أن إزالة هذه المخلفات قد تستغرق ما بين 20 و30 عاما إذا لم يتم توفير دعم هندسي دولي عاجل.
والجدير بالإشارة أن منذ 7 أكتوبر 2023 ألقي على قطاع غزة نحو 70 ألف طن من المتفجرات، نسبة 10% منها لم تنفجر، ما يجعل مهمة التطهير أكثر تعقيداً وخطورة، خاصة مع استمرار القيود الإسرائيلية الصارمة على دخول المعدات والخبراء.
ولفت "التقرير"، إلى أن الأمم المتحدة ما تزال تكافح لإزالة الذخائر في الموصل بعد حرب التحالف ضد تنظيم الدولة، رغم أن شدة القصف هناك كانت أقل بكثير مما تعرض له قطاع غزة.
عقبات خطيرة أمام جهود التطهير
وفي السياق ذاته، تعهدت بريطانيا بتقديم 4 ملايين جنيه إسترليني لجهود إزالة الألغام، لكن المجلة أكدت أن العائق الأكبر هو قائمة إسرائيل للعناصر المحظورة "ذات الاستخدام المزدوج"، والتي تمنع دخول العديد من الأدوات الأساسية لفرق إزالة المتفجرات.
هذا دفع تلك الفرق لاختراع حلول بديلة بدائية، مثل ملء أكياس الطعام الرملية واستخدامها كحواجز واقية.
كما قالت وزيرة الخارجية البريطانية إيفيت كوبر إن "الوضع في غزة مأساوي في غياب الدعم الإنساني الحيوي الذي يحتاج إليه السكان".
وأكد "التقرير"، أن غزة ستظل من أخطر بقاع العالم فيما يتعلق بالذخائر غير المنفجرة، نظراً لاستحالة إخلاء السكان أثناء عمليات التطهير، وغياب أي ملاذ آمن بعد أن دمر معظم القطاع.
كما أن شدة القصف الإسرائيلي تجعل مهمة إزالة الذخائر "تحديا هائلًا"، يحتاج لعشرات السنوات، وخطط إنقاذ دولية واسعة لتقليل التهديد المستمر على حياة المدنيين.
