يستعد مجلس الأمن الدولي، عند منتصف الليل بتوقيت القدس للتصويت على مشروع قرار أميركي لوقف إطلاق النار في غزة، متضمناً ما يعرف بـ“نقاط ترامب العشرين”، ويأتي هذا التصويت وسط ضغوط مكثفة تمارسها واشنطن لدفع الأعضاء نحو تمرير القرار، مقابل ترجيحات دبلوماسية في نيويورك بأن روسيا والصين قد تمتنعان عن التصويت دون اللجوء إلى الفيتو، فيما يتوقع أيضاً امتناع الجزائر، مع بقاء باب المفاجآت مفتوحاً حتى اللحظة الأخيرة.
موقف عربي–إسلامي مشترك
أصدرت مجموعة من الدول العربية والإسلامية، تضم مصر والسعودية وقطر والأردن والإمارات وإندونيسيا وباكستان وتركيا، بياناً مشتركاً مع الولايات المتحدة يؤيد مشروع القرار المطروح، وأكدت هذه الدول أن المسودة الأميركية جاءت بعد جولات من التشاور بينها وبين واشنطن، وأنها تمثل دعماً لخطّة شاملة تاريخية لإنهاء الصراع في غزة المعلنة في 29 سبتمبر الماضي.
كما وصفت هذه الدول نفسها بأنها الدول المشاركة في الأسبوع رفيع المستوى لإطلاق عملية تمهد ــ كما تقول ــ لتقرير المصير الفلسطيني وإقامة الدولة.
ترحيب السلطة
رحبت السلطة الفلسطينية على لسان وزارة الخارجية بالمساعي الأميركية وبنص المشروع، رغم أنه يتضمن إنشاء “مجلس سلام” كإدارة انتقالية حتى نهاية العام 2027 قابلة للتمديد، ولا يخضع للمساءلة أمام مجلس الأمن، ما يهمش عملياً دور السلطة ويجعل عودتها إلى غزة مشروطة برضا جهات خارجية.
رفض فلسطيني فصائلي
في المقابل، أصدرت فصائل فلسطينية بياناً حاد اللهجة رفضت فيه المسودة الأميركية، ووصفتها بأنها “خطيرة” وتمسّ مباشرة السيادة الوطنية، معتبرة أن وجود أي إدارة أو قوة أجنبية على أرض غزة “وصاية دولية” تمهد لتقييد القرار الوطني وإعادة تشكيل مستقبل القطاع بعيداً عن إرادة أهله.
تفاصيل المسودة الأميركية
تتكوّن المسودة الأميركية من نحو ست صفحات، تتضمن ملحقاً يسرد “نقاط ترامب العشرين”. ورغم التعديلات الشكلية التي شهدتها النصوص، إلا أن جوهرها بقي ثابتاً وهو إدارة انتقالية واسعة الصلاحيات بلا آلية محاسبة واضحة.
أخطر ما في المسودة غياب أي التزام بتقديم تقارير دورية عن أداء “مجلس السلام” أو “قوة الاستقرار الدولية”، وكأن المطلوب ــ بحسب المسودة ــ منح غطاء دولي لمؤسسة مجهولة المعالم، تقودها واشنطن وتعمل بالتنسيق الكامل مع إسرائيل، دون رقابة فعلية من مجلس الأمن أو الأمم المتحدة.
الإصلاح شرط عودة السلطة
يسمح نص المشروع بإمكانية عودة السلطة الفلسطينية لإدارة غزة، لكنه يربط ذلك بتنفيذ “برنامج إصلاح” تقيمه الولايات المتحدة وإسرائيل. وهي صياغة فضفاضة تستخدم عادة للضغط السياسي، وتشمل في خلفيتها تغييرات في التعليم، والكوادر، والمناهج، وحتى المواقف الوطنية.
كما أن الحديث عن مسار موثوق نحو تقرير المصير وإقامة الدولة مرتبط بعبارة شرطية غامضة تقول إن ذلك يتحقق فقط عندما تتهيأ الظروف، دون تحديد من يقرر ومن يحدد تلك الظروف.
مجلس السلام
ينص المشروع على أن مجلس الأمن يرحب بإنشاء مجلس السلام ليكون إدارة انتقالية ذات صفة قانونية دولية، تتولى:
- وضع أطر إعادة تطوير غزة وفق الخطة الشاملة.
- تنسيق التمويل الدولي.
- دعم لجنة تكنوقراطية فلسطينية لإدارة الخدمات اليومية.
- الإشراف على إعادة الإعمار.
- تقديم الخدمات والمساعدات الإنسانية.
- تنظيم الحركة من وإلى غزة.
- تنفيذ أي مهام إضافية تراها ضرورية لإتمام الخطة.
ومع غياب دور الأمم المتحدة في صنع القرار، تظل هوية الجهة المشرفة على هذه المهام مفتوحة للنفوذ الأميركي والإسرائيلي، مع وجود شكوك حول الدور الحقيقي للجهات الفلسطينية داخل هذا الهيكل.
البنك الدولي وصندوق إعادة إعمار غزة
تدعو المسودة البنك الدولي لإنشاء صندوق استئماني مخصص لإعادة إعمار غزة، يديره المانحون، ما يعزز هيمنة الأطراف الدولية على مسار التمويل والإنفاق، بعيداً عن رقابة فلسطينية فاعلة.
قوة استقرار دولية بقيادة موحدة
يسمح القرار للدول المشاركة في مجلس السلام بإنشاء “قوة استقرار مؤقتة” تعمل تحت قيادة موحدة، وتنسّق مع إسرائيل ومصر، وتستخدم “كل التدابير اللازمة” لتنفيذ مهامها، ومنها:
- تأمين الحدود.
- فرض بيئة أمنية مستقرة.
- نزع سلاح الفصائل وتدمير بنيتها العسكرية.
- منع إعادة تسليح أي جماعات.
- حماية المدنيين ودعم العمليات الإنسانية.
- تدريب الشرطة الفلسطينية.
- تأمين الممرات الإنسانية.
وينص المشروع على انسحاب الجيش الإسرائيلي تدريجياً وفق جدول مرتبط بعملية نزع السلاح، مع إبقاء “محيط أمني” حول القطاع لفترة غير محددة.
مدة التفويض
يحدد النص أن وجود “مجلس السلام” وقوة الاستقرار الدولية سيستمر حتى 31 ديسمبر 2027، مع إمكانية التمديد بالتنسيق مع مصر وإسرائيل والدول المشاركة، ما يعني عملياً تكريس إدارة انتقالية طويلة الأمد ذات نفوذ خارجي مباشر.
