منشأة سرية جنوب إسرائيل.. من يقرر مصير غزة دون حضور أهلها؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

داخل مستودع واسع أعيد توظيفه داخل منطقة صناعية في جنوب إسرائيل، يعمل مئات الجنود الأميركيين والإسرائيليين جنبًا إلى جنب مع ضباط أمن عرب ودبلوماسيين غربيين وعاملين إنسانيين، في محاولة لرسم ملامح مستقبل غزة تحت سقف واحد، هذا ما كشفه تقرير لصحيفة نيويورك تايمز أعده فريقها المتخصص في الشأن الإسرائيلي الفلسطيني.

مهمة المركز

يطلق على المنشأة اسم مركز التنسيق المدني العسكري لقطاع غزة، حيث تعقد فرق أميركية وإسرائيلية اجتماعات مشتركة مع ضباط أمن عرب وخبراء دوليين من أوروبا ودول أخرى، لمناقشة ملفات الأمن والحكم والمساعدات الإنسانية.

والجدير بالإشارة أن المهمة الأساسية للمركز هي تثبيت وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وحماس، لكنه مكلف أيضًا بوضع تصورات لإعادة إعمار غزة وفق خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب المكونة من 20 نقطة، والمتضمنة نزع سلاح حماس وإعادة إعمار القطاع تحت إدارة فلسطينية مستقلة.

غياب الفلسطينيين.. ثغرة تهدد بفشل الرؤية

وعلى الرغم من كثافة العمل، يصف مشاركون المشهد داخل المركز بأنه أقرب إلى "شركة ناشئة فوضوية"، خاصة مع غياب أي تمثيل فلسطيني، الأمر الذي أثار تحذيرات دبلوماسية من أن أي رؤية تصاغ دون مشاركة الفلسطينيين مصيرها الفشل.

اجتماعات يومية وطاولات مفتوحة

في المنشأة الواقعة في كريات غات، على بعد نحو 13 ميلاً من حدود غزة، تعقد اجتماعات يومية بقيادة ضباط أميركيين كبار، وتتناول ملفات من الاستخبارات إلى الإغاثة مرورًا بالحكم المدني.

وفي السياق ذاته، وصف أحد الدبلوماسيين جلسات العمل بأنها تعقد على طاولات مفتوحة وباستخدام سبورات بيضاء، رغم أنها تناقش قضايا حساسة مثل "الثروات المائية" و"حوكمة غزة بعد الحرب".

وفي ظل وجود جنود أميركيين يناقشون خطط إعادة الإعمار، يستحضر بعض المشاركين تجارب الفشل في العراق وأفغانستان، ما يثير تساؤلات جدية حول إمكانية نجاح هذه المبادرة في غزة.

يشرف على العمل اليومي آرييه لايتستون، المستشار السابق في إدارة ترامب، والمكلف بصياغة "الرؤية الاستراتيجية" لغزة، ويشارك في المنظومة ضباط ودبلوماسيون من دول عدة بينها كندا وألمانيا والإمارات وسنغافورة، بعضهم بخبرة واسعة، بينما يحتاج آخرون لجلسات تعريفية أساسية مثل: "ما هي حماس؟".

خطة مقلقة لإيواء الفلسطينيين

كما تشير وثائق داخلية إلى عمل المركز على وضع تصورات لـ "مجتمعات آمنة بديلة"، تتضمن تجمعات سكنية جديدة لإيواء الفلسطينيين ضمن مناطق تخضع للسيطرة الإسرائيلية، ورغم أن الهدف المعلن هو توفير بيئة آمنة ومستقرة، يشكك دبلوماسيون في قدرة الفلسطينيين على قبول مثل هذه الفكرة، محذرين من أنها قد تمهد لتقسيم دائم لغزة.

النفوذ الأميركي على ملف المساعدات

في الوقت نفسه، تواصل إسرائيل إحكام سيطرتها على الملفات المدنية عبر هيئة منسق أعمال الحكومة في المناطق، بينما يحاول المسؤولون الأميركيون إدخال ملف المساعدات الإنسانية تحت إشراف المركز.

وبحسب الكابتن تيم هوكينز من القيادة المركزية الأميركية، يدخل غزة نحو 800 شاحنة مساعدات يوميًا، لكن تأثير المركز على هذا الملف ما يزال محدودًا.

مستقبل غزة دون حضور الفلسطينيين

وعلى الرغم من توقف الحرب التي دامت أكثر من عامين بفضل الهدنة المدعومة أميركيًا، فإن النزاع لم ينته فعليًا.

وتواصل واشنطن الضغط على الإسرائيليين والفلسطينيين للانتقال إلى المرحلة التالية من خطة ترامب، المتضمنة نزع سلاح حماس ونشر قوة دولية واستكمال إعادة إعمار المناطق التي تهيمن عليها إسرائيل.

وخلال جولات إعلامية أخيرة، عرض ضباط أميركيون تصورات أولية لشرطة فلسطينية مستقبلية، بالإضافة إلى خرائط لمناطق السيطرة وحدود الانسحاب، لكن يبقى السؤال الأكثر إلحاحًا: إلى أي حد يمكن رسم مستقبل غزة في غياب الفلسطينيين أنفسهم؟

نيويورك تايمز