تشير معطيات جديدة من داخل المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينت) إلى أن خيار تنفيذ عملية عسكرية جديدة ضد قطاع غزة بات مطروحاً بقوة، بل وينظر إليه كخطوة “لا مفر منها”، بحسب ما نشرته هيئة البث الإسرائيلية الرسمية.
ونقلت الهيئة عن مصادر سياسية مطلعة أن عدداً من وزراء الكابينت عبروا خلال اجتماع عقد الأسبوع الماضي عن قناعتهم بأن تصاعد قدرات حركة حماس داخل القطاع ووصولها إلى مستوى وصف بـ“المقلق” يجعل اللجوء إلى القوة العسكرية قراراً حتمياً، في حال استمرار الحركة في تعزيز قوتها ورفضها التخلي عن سلاحها.
وخلال الجلسة، قدّمت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عرضاً مطولاً عن المشهد الميداني في غزة، تضمن تقييماً لمدى جاهزية حماس واستراتيجيتها المستقبلية، وهو ما دفع بعض الوزراء للتحذير من نافذة زمنية تضيق بسرعة أمام إسرائيل قبل عودة الحركة إلى وضع عسكري مشابه لما قبل الحرب الأخيرة.
ضغط على واشنطن
وفي سياق متصل، نقلت هيئة البث عن مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن الحكومة الإسرائيلية سوف تتجه دون تردد نحو الخيار العسكري إذا عجزت الإدارة الأميركية عن إيجاد صيغة أو آلية تقضي إلى نزع سلاح حركة حماس.
وبحسب المسؤول، فإن الموقف الإسرائيلي يعتمد على قناعة مفادها أن أي تهدئة طويلة الأمد في غزة لن تكون ذات جدوى ما لم تجبر الحركة على التخلي عن بنيتها العسكرية، وهو ما تعتبره تل أبيب شرطاً أساسياً قبل الانخراط في أي ترتيبات سياسية أو أمنية مستقبلية.
اتفاق وقف إطلاق النار قائم
ورغم التوتر الواضح في المشهد، تؤكد التقديرات الإسرائيلية – حسب الهيئة – أن اتفاق وقف إطلاق النار الساري حالياً في غزة ليس مهدداً بالانهيار في المدى القريب.
وتشير التقارير إلى أن حماس لا ترغب في تفجير التفاهمات القائمة، بل تطالب الوسطاء، وخاصة القاهرة والدوحة، بممارسة ضغط أكبر على إسرائيل للالتزام ببنود الاتفاق، ووقف عملياتها المحدودة التي أدت إلى سقوط قتلى وجرحى فلسطينيين خلال الأسابيع الماضية.
كما نقلت الهيئة عن مصدر فلسطيني أن الحركة معنية ببلوغ المرحلة الثانية من الاتفاق، مؤكداً أن وفداً قيادياً من حماس سوف يصل إلى القاهرة قريباً لمناقشة التطورات الأخيرة ومحاولة تثبيت بنود المرحلة التالية من التهدئة.
خسائر الحرب
الجدير بالذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار كان قد دخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر الماضي، لينهي واحدة من أعنف مراحل الحرب التي بدأت في 7 أكتوبر 2023.
وخلال هذه الحرب، ارتكبت إسرائيل مجازر واسعة أدت إلى استشهاد أكثر من 69 ألف فلسطيني وإصابة ما يفوق 170 ألفاً، إلى جانب دمار غير مسبوق طال نحو 90% من البنية التحتية المدنية في القطاع، بما في ذلك شبكات المياه والكهرباء والمستشفيات والمدارس.
ورغم وقف إطلاق النار، لا تزال إسرائيل تمارس خروقات متكررة تمثّلت في استهداف منازل ومناطق مدنية، ما أدى إلى سقوط مئات الشهداء والجرحى، إضافة إلى استمرار القيود المشددة على دخول المساعدات الإنسانية، الأمر الذي يفاقم الأزمة الإنسانية الخانقة التي يعيشها سكان غزة.
