كوارث "ليلة منتصف النهار".. لغز الأسطورة التي أرعبت البشر قرونًا

ليلة منتصف النهار
ليلة منتصف النهار

لطالما أثارت الظواهر الفلكية النادرة — وعلى رأسها كسوف الشمس — فضول البشر عبر العصور، حتى تحولت في زمن ما قبل العلم الحديث إلى مصدر أساطير وخرافات، وفي توضيح علمي جديد، قدم ناتان إيسمونت، كبير الباحثين في معهد بحوث الفضاء التابع لأكاديمية العلوم الروسية، رؤية دقيقة حول ما كان يعرف قديمًا باسم "ليلة منتصف النهار"، وتفسيرًا لارتباطها التاريخي بالكوارث.

ليلة منتصف النهار

كشف إيسمونت أن شعوب العصور القديمة كانت تنظر إلى ظاهرة الكسوف — خصوصًا الكسوف الكلي — باعتبارها علامة على كارثة وشيكة أو دليلًا على حدث مدمر وقع بالفعل، فغياب المعرفة العلمية جعلهم يفسّرون اختفاء الشمس المفاجئ باعتباره غضبًا إلهيًا أو نذيرًا لمصائب كبرى.

ومع ذلك، توضح الأبحاث الحديثة أن هذه الظاهرة لا تحمل أي دلالات من هذا النوع، بل هي مجرد تفاعل طبيعي بين مسار القمر ومسار الشمس.

تأثير الكسوف على البشر

أكد الباحث الروسي أن الكسوف بجميع أنواعه — جزئيًا كان أو كليًا — لا يترك أي أثر مباشر على حياة البشر في المناطق التي يظهر فيها، ورغم أن مشاهدته تخلق انطباعًا بصريًا قويًا، وقد تكون تجربة استثنائية، إلا أن الأمر يظل مقتصرًا على شعور المشاهد فقط.

وأضاف أن العلم الحديث أصبح قادرًا اليوم على التنبؤ بدقة تامة بمواعيد الكسوف ومراحله، مما ينفي تمامًا أي احتمال لارتباطه باضطرابات على الأرض أو أحداث غير طبيعية.

أساطير الماضي

أوضح إيسمونت أن الشعوب القديمة كانت تفتقر إلى المعرفة الكونية، مما دفعها إلى ربط الكسوف بما يسمونه "ليلة منتصف النهار"، واعتباره حدثًا خارقًا للطبيعة يرافقه دمار أو سوء حظ.

ومع الزمن، تحولت هذه التصورات إلى روايات شعبية تناقلها الناس، رغم أنها تقوم على الخوف أكثر مما تقوم على حقائق.

التأثير النفسي

رغم وضوح الحقائق العلمية، يشير إيسمونت إلى أن بعض الأشخاص قد يشعرون بتأثير نفسي خلال الكسوف، كالإحساس بالرهبة أو القلق، لكن هذا لا ينتمي إلى المجال العلمي، بل يرتبط بالتركيب النفسي لكل فرد، وطريقة تفكيره، وتجارب الحياة التي مرّ بها.

وشبه الباحث الروسي الاعتقاد بأن الكسوف يحمل دلالات سلبية باعتقاد الناس بعلم التنجيم، مؤكدًا أنه مجرد خرافة و"علم زائف" لا يمت للوقائع بصلة، وشدد على أن العلم الحديث كشف كل جوانب ظاهرة الكسوف، وأثبت أنها طبيعية تمامًا ولا ترتبط بأي كوارث أو أحداث استثنائية.

روسيا اليوم