داخل الأنفاق.. القصة الكاملة لاختباء مقاتلي "حماس" في رفح وكيف انتهت رحلتهم تحت الأرض

عناصر حماس
عناصر حماس

في الوقت الذي أعلنت فيه إسرائيل سيطرتها الكاملة على مدينة رفح جنوب قطاع غزة، ظهرت مفاجآت قلبت المشهد الميداني رأساً على عقب، فقد بدأ الجيش الإسرائيلي بالإعلان تباعاً عن قتل وأسر مجموعات من عناصر "كتائب القسام" داخل الأنفاق، رغم مرور شهور على اجتياح المنطقة. 

أثار هذا التطور موجة تساؤلات واسعة: من هم هؤلاء المقاتلون؟ كيف عاشوا كل تلك الشهور تحت الأرض؟ وكيف تمكنوا من تنفيذ عمليات مؤثرة بينما كانوا محاصرين داخل منطقة توصف بأنها مغلقة بالكامل؟.

أنفاق رفح

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن المقاتلين الذين ظهروا في بيانات الجيش الإسرائيلي قضوا غالبية فترات الحرب داخل شبكة الأنفاق الممتدة في رفح، رغم وجود القوات الإسرائيلية على السطح منذ مايو 2024، واللافت أن الجيش الإسرائيلي، رغم دخوله عدداً من هذه الأنفاق، لم يتمكن من كشف بنيتها كاملة، نظراً لتعقيد تصميمها وامتدادها الواسع.

وتشير المصادر إلى أن عناصر القسام كانوا يتنقلون بين الأنفاق والكمائن فوق الأرض، وخرجوا خلال فترات الهدنة، ثم عادوا مع استئناف القتال، وظل الاتصال بقيادتهم قائماً حتى التوصل إلى الهدنة الثانية التي انتهت في مارس 2025.

رحلة الخروج إلى خان يونس

بحسب المصادر، ورغم الانتشار الإسرائيلي الواسع في رفح، نجح بعض المقاتلين في الخروج فوق الأرض والتوجه إلى خان يونس قبيل استئناف القتال حيث التقوا بقياداتهم بشكل مباشر.

وشارك عدد منهم في عمليات تسليم رهائن إسرائيليين من بينهم أفراهام منغستو، الذي ظل محتجزاً في غزة منذ 2014، وتم تسليمه في فبراير الماضي ضمن صفقة تبادل، ومع فشل محاولات التوصل لوقف إطلاق نار جديد، عاد المقاتلون إلى رفح عبر الأنفاق واستأنفوا تحركاتهم من الكمائن الميدانية فوق الأرض.

عمليات أبواب الجحيم

بين شهري مارس وأغسطس، حافظت مجموعات القسام في رفح على تواصل مستمر مع قياداتها، ونفذت سلسلة عمليات لافتة تحت اسم "أبواب الجحيم"، وأدت هذه العمليات إلى مقتل عدد من الجنود الإسرائيليين وتدمير مركبات عسكرية عبر تفخيخ منازل وفتحات أنفاق، في وقت كانت فيه إسرائيل تعلن أنها فككت لواء رفح بالكامل.

وتشير مصادر إلى أن محاولة أسر جندي إسرائيلي في مايو الماضي كانت جزءاً من هذه السلسلة، وجاءت في سياق الضغط السياسي خلال مفاوضات وقف النار.

ثمانية أشهر تحت الأرض

السؤال الأكثر تداولاً كان: كيف تمكن هؤلاء المقاتلين من البقاء داخل الأنفاق طوال هذه الشهور رغم الحصار؟، وتؤكد مصادر ميدانية أن الأنفاق كانت مجهّزة مسبقاً بكميات محدودة من الطعام والمياه، ومع نفاد المؤن، قد يكون المقاتلون اعتمدوا على ما وجدوه في منازل مهجورة أو من مخلفات الجيش الإسرائيلي داخل البيوت التي تمركز فيها.

وذكرت المصادر وجود رسائل متداولة تعود لمقاتلين من حماس والجهاد يعتذرون فيها لأصحاب المنازل عن أخذ بعض الطعام، كما توضح المصادر أن مهمات المقاتلين كانت متفاوتة:

  • مجموعات مسؤولة عن الإمداد والتجهيز.
  • مجموعات متخصصة في الكمائن.
  • وأخرى للتنسيق المباشر مع القيادة الميدانية.

القادة الذين قضوا داخل الأنفاق

نشرت وسائل إعلام إسرائيلية صوراً لعدد من القادة الذين قتلوا خلال خروجهم من الأنفاق أو بعد رصد تحركاتهم، ومن أبرزهم:

  • محمد البواب: قائد الكتيبة الشرقية في رفح.
  • إسماعيل أبو لبدة: نائبه وزوج شقيقة البواب.
  • توفيق سالم: قائد سرية النخبة في الكتيبة.

وتشير المصادر إلى أن أبو لبدة ظهر في عملية تسليم أفراهام منغستو للصليب الأحمر، بينما كان البواب يتابع العملية من بعيد.

كما تؤكد المصادر أن كلاً من البواب وأبو لبدة كانا من المسؤولين عن عملية أسر الضابط الإسرائيلي هدار غولدن خلال حرب 2014.

مقتل نجل القيادي غازي حمد

أحد أبرز الأسماء التي ظهرت أيضاً كان عبد الله حمد، نجل عضو المكتب السياسي لحماس غازي حمد، والذي كان جزءاً من الوفد المفاوض، وتوضح المصادر أن عبد الله كان ناشطاً في القسام وتخرج في كلية الرباط العسكرية وعمل مدرباً قبل الحرب.

وقُتل عبد الله برفقة ابن عمه أحمد سعيد حمد داخل أحد الأنفاق، كما أفادت المصادر بأن سعيد حمد، شقيق غازي، فقد ثلاثاً من بناته خلال الحرب نتيجة قصف منازلهن، بعد مشاركة أزواجهن في معارك 7 أكتوبر وعمليات أخرى.

صحيفة الشرق الأوسط