منطقة قتل معلنة: كيف غيّرت إسرائيل مسار وقف النار في غزة

غزة
غزة

منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر الماضي، كان يفترض أن يشكّل الخط الأصفر جزءاً من خطة انسحاب تدريجي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، إلا أن هذا الخط تحوّل عملياً إلى مصيدة موت تستهدف كل من يقترب منه. ومع مرور الوقت، باتت الانتهاكات الإسرائيلية تتصاعد بشكل يومي، حيث تسجل وزارة الصحة في غزة سقوط قتلى عند حدود ذلك الخط، خاصة في المناطق الجنوبية، بينما تقل الحوادث نسبياً في الوسط.

مأساة بني سهيلا

في بلدة بني سهيلا شرق خان يونس، وقعت حادثة مأساوية جديدة خلال الساعات الأخيرة، إذ قتلت القوات الإسرائيلية امرأة حاولت الوصول إلى منزلها، ثم أطلقت النار على شاب حاول انتشال جثمانها، قبل أن تستهدف آخرين حاولوا الاقتراب من المكان، ليصل عدد الضحايا إلى أربعة خلال يوم واحد. ولم تتمكن الطواقم الطبية أو الدفاع المدني أو حتى الجهات الدولية من انتشال الجثث، لتبقى ملقاة في العراء كما حدث في حوادث سابقة مشابهة، وهو ما يعكس حجم الخطر الذي يشكله الخط الأصفر بعد أن تقدمت القوات الإسرائيلية بمسافته داخل القطاع، ما أربك السكان الذين كانوا يصلون سابقاً إلى منازلهم بأمان.

حصيلة الضحايا منذ وقف إطلاق النار

منذ دخول الاتفاق حيز التنفيذ، قُتل نحو أربعمائة فلسطيني نتيجة الخروق الإسرائيلية، بينهم أكثر من مئتين وعشرين في غارات جوية وعمليات اغتيال استهدفت نشطاء من الفصائل المسلحة داخل منازلهم أو مركباتهم أو تجمعاتهم، بينما سقط نحو مئة وخمسين آخرين برصاص مباشر أو قصف من طائرات مسيّرة ومدفعية عند الخط الأصفر، في حين قضى البقية نتيجة انفجارات مخلفات الحرب أو إصابات سابقة.

الموقف الإسرائيلي

في تصريحات لصحيفة عبرية، قال مسؤول أمني إسرائيلي إن الخط الأصفر أصبح بمثابة حدود جديدة، مؤكداً أن الانسحاب منه لن يتم إلا بعد نزع سلاح حركة حماس، وأن القوات تستعد للبقاء هناك لفترة مفتوحة بما يسمح لها بالسيطرة على نحو نصف مساحة القطاع، مع إمكانية تعديل الموقف وفق قرارات سياسية لاحقة.

التحركات السياسية والدبلوماسية

على الصعيد السياسي، يُعقد اجتماع في ميامي بين مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ومسؤولين من مصر وقطر وتركيا، لبحث الخروق والمرحلة الثانية من الاتفاق. وتترقب حركة حماس أن يسفر اللقاء عن إلزام إسرائيل بوقف الانتهاكات والسماح بإدخال مواد الإغاثة وبدء عملية إعمار حقيقية، مؤكدة أن استمرار تنصل إسرائيل من المرحلة الأولى قد يعرقل تنفيذ المرحلة الثانية.

الأزمة الإنسانية المتفاقمة

الأوضاع الإنسانية في غزة تزداد سوءاً يوماً بعد يوم. منظمة الصحة العالمية أعلنت وفاة أكثر من ألف مريض كانوا ينتظرون الإجلاء الطبي منذ يوليو 2024، مشيرة إلى أن العدد الفعلي قد يكون أكبر من ذلك. كما حذرت منظمة أطباء بلا حدود من ارتفاع معدلات أمراض الجهاز التنفسي بسبب الشتاء القاسي وظروف المعيشة المتدهورة، حيث يعيش مئات الآلاف في خيام مؤقتة تغمرها الأمطار، داعية إسرائيل إلى السماح الفوري بإدخال المساعدات الإنسانية على نطاق واسع، ومحذرة من كارثة صحية وإنسانية إذا استمرت القيود المفروضة على وصول الإمدادات الأساسية.

الشرق الاوسط