سوريا.. حراسة مشددة على مقبرة جماعية تعود لنظام الأسد (صور)

موقع المقبرة الجماعية في صحراء الضمير
موقع المقبرة الجماعية في صحراء الضمير

فرضت السلطات السورية إجراءات حراسة مشددة على مقبرة جماعية جرى حفرها في السابق بهدف طمس الفظائع التي ارتكبت خلال حكم رئيس النظام السابق بشار الأسد.

وأفادت مصادر مطلعة بأن الحكومة السورية باشرت تحقيقًا جنائيًا عقب تقرير نشرته وكالة رويترز، كشف عن مخطط سري استمر لسنوات نفذه النظام السابق لإخفاء آلاف الجثث داخل مقبرة جماعية تقع في صحراء الضمير شرق دمشق.

وبحسب ما ذكره ضابط سابق في الجيش السوري كان مطلعًا على تفاصيل العملية، فإن الموقع كان يُستخدم سابقًا كمستودع للأسلحة العسكرية.

نقل الجثث

غير أن الموقع أُخلي من الأسلحة عام 2018 تمهيدًا لتنفيذ مخطط سري أطلق عليه اسم "عملية نقل الأتربة"، حيث جرى نبش جثث آلاف الضحايا المدفونين في مقبرة جماعية بضواحي دمشق، ونقلها عبر شاحنات لمسافة تقارب ساعة وصولًا إلى منطقة الضمير.

0.jpg
 

وفي الوقت الراهن، ينتشر عدد كبير من الجنود في موقع الضمير، لكن هذه المرة بتكليف من الحكومة التي أطاحت ببشار الأسد.

كما جرى، في نوفمبر الماضي، إعادة تشغيل المنشأة العسكرية في الضمير كمقر وثكنة ومستودع للأسلحة، بعد توقف دام سبع سنوات، بحسب ما أفاد ضابط متمركز في الموقع، ومسؤول عسكري، وشيخ أبو عمر طوّاق رئيس أمن الضمير.

والجدير بالإشارة أن الموقع كان بلا أي حراسة خلال فصل الصيف، عندما زار صحافيو رويترز المكان عدة مرات عقب اكتشاف المقبرة الجماعية.

1.JPG
 

تصاريح دخول

وفي أسابيع قليلة، أنشأت الحكومة نقطة تفتيش عند مدخل المنشأة العسكرية التي تضم موقع المقبرة، وفقًا لما أكده جندي متمركز هناك، ليصبح الدخول إلى المكان مشروطًا بالحصول على تصاريح رسمية من وزارة الدفاع.

كما أظهرت صور الأقمار الصناعية منذ أواخر نوفمبر نشاطًا جديدًا لحركة المركبات في محيط المنطقة الرئيسية للقاعدة.

وقال مسؤول عسكري، فضل عدم الكشف عن هويته، إن إعادة تفعيل القاعدة تأتي ضمن مساعي تهدف إلى "إحكام السيطرة على البلاد ومنع الأطراف المعادية من استغلال هذه المنطقة الاستراتيجية المفتوحة"، موضحًا أن الطريق الممتد عبر الصحراء يربط أحد آخر معاقل تنظيم داعش في سوريا بالعاصمة دمشق.

وخلال نوفمبر، باشرت الشرطة تحقيقًا رسميًا في المقبرة، شمل توثيق الموقع بالصور، وإجراء مسوحات أرضية، والاستماع إلى إفادات شهود، بحسب جلال طبّاش رئيس مركز شرطة الضمير.

ميكانيكي اكتشفها

وكان من بين الذين خضعوا للاستجواب أحمد غزال، المصدر الرئيسي الذي كشف وجود المقبرة الجماعية.

2.JPG
 

وقال غزال، وهو ميكانيكي عمل على إصلاح الشاحنات التي تعطلت أثناء نقل الجثث إلى موقع الضمير: "أبلغتهم بكل ما أعرفه ورويت لهم ما شاهدته خلال تلك السنوات".

وأكد غزال، أن المنشأة العسكرية بدت في تلك الفترة خالية تمامًا، باستثناء الجنود المكلفين بمرافقة القوافل التي كانت تنقل الجثث.

من جانبها، أوضحت اللجنة الوطنية للمفقودين، التي تأسست عقب الإطاحة بالأسد للتحقيق في مصير عشرات الآلاف من السوريين الذين اختفوا خلال حكمه، أنها تعمل حاليًا على تدريب كوادر متخصصة وإنشاء مختبرات تلتزم بالمعايير الدولية الخاصة بعمليات استخراج المقابر الجماعية.

ومن المقرر أن تنطلق عمليات استخراج الجثث من المقابر الجماعية العائدة لعهد الأسد، بما فيها موقع الضمير، خلال عام 2027.

كما تشير وثائق عسكرية وشهادات من مصادر مدنية وعسكرية إلى أن العقيد مازن إسمنذر تولى إدارة الجوانب اللوجستية لـ"عملية نقل الجثث".

3.JPG
 

وعندما وضعت الخطة عام 2018، كان الأسد على مشارف إعلان الانتصار في الحرب الأهلية، وكان يسعى إلى استعادة شرعيته أمام المجتمع الدولي بعد سنوات من العقوبات والاتهامات بارتكاب انتهاكات جسيمة.

وبناءً على ذلك، صدر توجيه من القصر الرئاسي ينص على: "حفر موقع القطيفة وإخفاء الجثث داخل المنشأة العسكرية في صحراء الضمير".

وعلى مدار أربع ليالٍ أسبوعيًا، ولمدة تقارب عامين بين عامي 2019 و2021، أشرف إسمنذر على تنفيذ العملية، بحسب ما أفادت به رويترز.

وفي تلك الفترة، كانت الشاحنات تنقل الجثث والأتربة من المقبرة المكشوفة إلى المنشأة العسكرية المهجورة في الصحراء، حيث امتلأت الخنادق بالجثث مع استمرار أعمال الحفر في موقع القطيفة.

العربية