بقلم د.محمد عودة
كان هذا عنوان مقال كتبته ونشرته في عدة صحف في منتصف شهر شباط 2013، لكن السبب في ذلك الحين يختلف كثيرا عن سبب استخدام نفس العنوان لمقال جديد ، لقد كان الدافع حينها تزاحم الاحداث الدموية في غالبية القارات، اسيا، افريقيا، وامريكا اللاتينية، اما الدافع لكتابة المقال الجديد المختلف في جوهره عن سابقه ، فهو ما يجري بمنطقة الشرق الاوسط وعلاقة ذلك بما بعد مرحلة ترامب.
لقد خاض الكيان الاسرائلي على مدى عامين 4 انتخابات لم تفض الى تشكيل حكومة مستقرة وهذا يعني بالضرورة اما الذهاب الى انتخابات خامسة وإما البحث عن طريق لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وفي كلا الحالتين فإن نتنياهو بحاجة لتهيئة الاجواء بما يمنع دخوله السجن وغالبا ما يكون ثمن خطايا زعماء اسرائيل شلال دماء فلسطينية، وهذا ما يحصل اليوم حيث ان حكومة نتنياهو ورغم كل التحذيرات التي وصلتها من المستوى الامنى وحتى من قيادة المستوطنين ذهبت بعيدا في استفزاز مشاعر المسلمين خاصة الفلسطينيين منهم عبر محاولات التعدي على المسجد الاقصى او حتى موضوع الشيخ جراح. ولجدية موضوع الاقصى خاصة في شهر رمضان المبارك، تحرك المقدسيون - بعيدا عن العمل الحزبي وإن كانت هناك مشاركة جدية من الاحزاب- الى مسيرات اندلعت على اثرها مواجهات مع المحتل وقطعان متطرفين مما الهب مشاعر الجماهير في كل جغرافيا فلسطين من النهر الى البحر والمهجر، فهل هذا مؤشر على مرحلة جديدة وادوات جديدة ؟
اعتقد جازما ان هناك ما يحاك في الخفاء، وربما يكون له علاقة وثيقة بتطبيق صفقة القرن وإن بشكل معدّل، حيث ان حل اي قضية يحتاج الى عوامل وادوات ولا يمكن الاعتماد على عوامل ودوات فشلت في انجاز اي من المشاريع المطروحة، حيث ان ايجاد ارضية جديدة ومناخ جديد وادوات جديدة تشكل ضرورة قصوى لانجاز المشروع.
كانت الادارة الامريكية السابقة واضحة ومباشرة وصريحة لدرجة الوقاحة في طرح مشروع صفقة القرن التي لا تخدم الا الكيان الصهيوني، ومن اجل ذلك مارست كل اشكال الضغط على دول الخليج لانجاز للمصالحة الداخلية تحضيرا لعقد اتفاقيات تطبيع اسموها اتفاقيات ابراهيم تدحرجت حتى السودان والمغرب.كل ما سلف بغية تغيير المناخ من اجل تجسيد صفقة القرن بسلاسة الادارة الحالية وعبر مراحل,الا ان الهبّة الشعبية في فلسطين من الماء الى الماء بما في ذلك دخول حماس وفصائل المقاومة على الخط عبر مواجهات صاروخية هي الاعنف منذ أن سيطرت حماس على القطاع.و ما رافق ذلك من حراك تضامني على مستوى العالم وذروته ما حصل في شيكاغو مساء امس الخميس وتلاه ما يحصل اليوم في الاردن و سوريا و لبنان وسيناء من حراك شعبي تراكمي توج بمسيرات الى الحدود مع فلسطين.كل ما سبق هو مؤشرات على ان الاعداد لفرض حل بالتاكيد لن يرض الفلسطينيين وربما لا يرضي الاسرائيليين يدفعنا ل طرح العديد من التساؤلات :-
-هل هناك اجندات خارجية تسعى لاستثمار ما يجري في فلسطين؟
-هل ستكون الدولة المطروحة في قطاع غزة الموسع؟
-هل تم استدراج اهلنا في الخط الاخضر لحراك يبرر للمجتمع الدولي تطبيق قانون القومية وتجسيد يهودية الدولة وربما ترانسفير لغالبية فلسطينيي الداخل ام ان حراكهم سيكون سببا في حصولهم على حقوقهم المدنية وربما الضغط على حكومة الكيان للعودة الى المفاوضات؟
-هل هناك نية لدى الادارة الامريكية واعوانها في المنطقة للعودة لاحياء مشروع التقاسم الوظيفي مع الاردن؟
- هل كل ما سلف كان مبرمجا او مستدرجا لتجسيد الامارات الابراهيمية المتحدة ام ان هناك نية لاعادة صياغة المنطقة تعديلا على نتائج سايكسبيكو ؟
- هل سيتمكن الحراك الداخلي في كل الجغرافيا الفلسطينية مدعوما بما يحصل على حدود فلسطين من كل الجهات,الاردن,سوريا,لبنان و سيناء والتضامن العالمي من افشال المخطط ورسم المنطقة بصياغة تعتمد على ارادة الشعوب؟
-هل هناك علاقة مباشرة بين ما يجري والعمل على انجاز الاتفاق النووي مع ايران؟و الكثير من التساؤلات التي سنحصل على اجاباتها في القريب بعد توقف اطلاق النار.
استطيع الجزم بان المنطقة حبلى بالمفاجآت وان المنطقة بعد انتهاء الوضع الراهن لن تكون كما قبله وان غدا لناظره قريب.