أعيدوا راتب أبي

شفيق التلولي
شفيق التلولي

بقلم: شفيق التلولي 

أمس التقينا كتابًا وبعض صحفيين، لم نلتق حول وجبة من القصائد على مائدة الشعر، أو لنحلق في فضاء رواية كنا شخصيات لحكايتها، ولا لنغرد في واحة قصة للحظة فارقة ودهشة غارقة في حبر الجمال، أو لنلتقط من تحت الركام خبرًا عن نجاة طفل افتدته آخر شهداء المعركة التي ما زال غبارها يزكم الأنوف، التقينا نستمع لحكاية شاعر وإنسان بعد أن طرق باب بيت الكتاب والصحفيين.

واحد ذهب بشخصيته المتخيلة إلى عالم آخر بعد أن داهمه؛ ليفسد النص، ظننت أنه ينسج من الغبار المحمل بالآثام ما يبدد اللعنة التي أصابته ذات غنيمة، فصارت خطيئة، وبدل أن يغتسل ويتوضأ ويعلن التوبة، أمعن بالخطايا وارتدى ثوب الملاك متناسيًا أن القبح لا يجمله حلو الكلام.

مضى بنصه العابر كالزبد وظلت اللافتة "أعيدوا راتب أبي" تلك اللافتة التي لم تبرحني طوال الوقت، كما لم يبرحني وقفة الزملاء من شعراء وقاصين وروائيبن وصحفيين، ناصر وناصر، عثمان ونعيم، خالد وناهض، ياسر اللحن والأنين، جبر ومصطفى، فايق ومحمود، عبد الكريم ورزق، جيهان، عبد الله وأنا، معين وفايز، محمود وكاميرا يتيمة، عون ومن فاتني ذكرهم ممن كانوا هناك، حيث كنا على مقربة من الحطام وما أعمله جيش اللئام في ليل حرب.

"أعيدوا راتب أبي" وفي رواية أخرى "أعيدوا راتب زميلنا شجاع الصفدي" اللافتة الأولى لطفل رافق أبيه شجاع والثانية لافتة لمعشر الأصدقاء من كتاب وأدباء زملاء وثالثة دمعة ذرفتها عيني فغادرت المكان غارقًا في تلك اللحظة الطافحة بالوفاء وما لمع في عيني من دمع مالح.

مضيت أحمل حرارة الشمس وملح الدموع، أفكر لما أبعد من الكلام، فالفعل وجود وغير ذلك يبقى أثرًا، يذهب مع زبد ذلك النص العابر من جوار الركام، يتبدد مع صاحب النص وتلويحته بورقة سقطت من جيب متخيله وراح يسخر مما راود صاحبه من أفكار.

غفوت على وجع وصحوت على أمل، أكتب لسيد البلاد مناشدًا، أكتب رسالة بدموع طفل عنوانها "أعيدوا راتب أبي" وأختمها بتوقيع "أعيدوا راتب زميلنا شجاع الصفدي" أرجوكم يا سيدي، إنه شاعر ولم يعد قلبه يحتمل، أو إنه إنسان يرجوكم رد المظلمة وكلنا أمل برب العائلة الفلسطينية من يأبى أن يغمض له رمش أمام مطلب طفل يستجير ورجل جاء إلينا يسعى في ظهيرة يوم قائظ.
"أعيدوا راتب زميلنا شجاع الصفدي" 
أرجوكم..
فلسطين- غزة شارع الوحدة 
من جوار ركام الحرب
١٠ حزيران ٢٠٢١م

البوابة 24