البوابة 24

البوابة 24

هناك!

قلم
قلم

بقلم:ياسمين كنعان


أمرّ صباحاً على ذاكرة المكان ، من شارع اتسع قليلاً إلى واقع ضاق كثيراً، ألمح الطفلة ذاتها بجديلة طويلة ، وحقيبة مدرسية صغيرة ، تعبر الزقاق الأخير صوب بدايات الحلم ، تلتقط فتات الحلم عن النوافذ المشرعة للشمس ، تنحني على ياسمينة معلقة على سياج الواقع ، تلتفت صوب السماء المنتشية بغواية الأزرق ، تمد كفها الصغيرة إلى غيمة قطنية ، تخبئها في جيبها الصغير ، تتجاوز سور المدرسة والبناية ذات الطوابق الثلاثة ، تنزع حقيبتها المدرسية وتعلقها على السروة ، تسلم قدميها للريح ، تعبر صوب مطلع الحكاية ، ترتب ذاكرة المكان ، تمنح شقائق النعمان لونها ، والبنفسج غوايته ، والياسمين عبقه ..


لمحتها تركض نحوي ، فراشة من نور ، وجديلة من سنابل قمح نضجت قبل موعدها ، ناديتها باسمها القديم المعلق على أهدابها ، حاولت أن أستوقفها قليلاً ، عبرت من خلالي كضباب ، ركضت صوب المنحدر الأخير ، كتمتُ صرختي أن تمهلي يا صغيرة يا من كنتها يوماً ولن تصيرني أبداً ..ينقصني ماضي لأصيرك وينقصك حاضري لتكونيني يا صغيرة ، أنا أنت  ، أنا وأنت نحن ، لكن أحدهم عبث بالفصل الأخير من الحكاية ، أحدهم بعثر السنوات على المنحدر ، أنقصك سنواتي القادمة ، ونزع من عمري عشر سنوات ، أحدهم تركك على السفح تسابقين الفراشات والغيمات ، وسحبني منك بعيداً ، فصرنا أنا وأنت !! كلا ، ليس هذا ما حصل تماماً ، أحدهم سرق كل السنوات التي كانت بيننا ، وتركنا هناك على مشارف الهاوية ، لا أنت أنا ولا أنا أنت ولا أنا أنا !

 

البوابة 24