كشفت قطر، الأربعاء الماضي، عن توصل كل من حركة حماس وإسرائيل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى والرهائن، وهو الاتفاق الذي طرح بشروط مشابهة قبل ثمانية أشهر دون أن يتم تنفيذه، مما أثار تساؤلات حول العوامل التي دفعت الطرفين للموافقة في هذا التوقيت.
سر الموافقة على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
ووفقًا لما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، في تقرير لها، فإن عوامل داخلية وخارجية قد أثرت على مواقف الطرفين، مما ساهم في الوصول إلى إتمام اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
في إسرائيل واجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو النصف الأول من العام 2024 في القتال مع المنافسين السياسيين في الداخل وحرب استنزاف مع حركة حماس وفي الوقت نفسه تهديدات من إيران وحلفائها.
اقرأ أيضًا:
- نتنياهو: حصلنا على ضمانات باستمرار الحرب على غزة في هذه الحالة
- قبل اجتماع الكابينيت.. بن غفير يهدد بهذا الأمر حال تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار
- إسرائيل تكشف أسماء الأسرى المشمولين في المرحلة الأولى من صفقة التبادل
تغيرات قلبت الموازين
والجدير بالإشارة أنه في النصف الأول من عام 2024، واجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أزمات متعددة، شملت معارك سياسية داخلية، حرب استنزاف مع حماس، وتهديدات من إيران وحلفائها، إلا أن تغيرات محورية قلبت الموازين لصالح إسرائيل، ومنها:
-
اغتيال زعيم حماس يحيى السنوار، مما أحدث فراغًا قياديًا في الحركة.
-
ضربات عسكرية ناجحة ضد حزب الله دفعت الحزب للموافقة على وقف إطلاق النار في لبنان.
-
عمليات ضد إيران أدت إلى تدمير دفاعاتها الجوية.
-
انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، مما أضعف حلفاء إيران الإقليميين.
-
ضغوط داخلية ودعوات فلسطينية لإقامة حكومة بديلة في غزة.
وإلى ذلك، كانت عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، عاملاً حاسمًا أيضًا، حيث هدد بإشعال المنطقة إذا لم تُطلق حماس سراح الرهائن المحتجزين في غزة.
"صفقة هشة للغاية"
وفي هذا الصدد، كشفت مديرة برنامج الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في تشاتام هاوس، سانام فاكيل، إن "الضغط الأميركي، لاسيما من ترامب، كان عاملاً رئيسيًا في دفع نتنياهو نحو الصفقة، إلا أنها ما زالت صفقة هشة للغاية"، على حد تعبيرها.
سبب تغير موقف حركة "حماس"
أما عن سبب تغير موقف حركة "حماس"، فأن اغتيال السنوار كان بمثابة نقطة تحول، حيث كانت الحركة تحت قيادة شقيقه الأصغر محمد السنوار تتخذ موقفًا متشددًا، مع التركيز على تجنيد أعضاء جدد، إلا أن الحركة تعرضت لضغوط هائلة، شملت:
-
خسائر بشرية كبيرة، حيث استشهد حوالي 17 ألف مقاتل وفق الجيش الإسرائيلي، الذي أعلن تدمير الهيكل العسكري المنظم للحركة، إلا أن حماس عدد مقاتليها الذين قتلوا.
-
كما واجهت حماس ضغوطًا داخلية نتيجة الدمار والموت والتشريد، ما دفع السكان للضغط على حماس عبر وسائل التواصل الاجتماعي للقبول بالصفقة حتى لو كان ذلك يعني التخلي عن بعض مطالبها.
-
كما أن رهانات حماس حول مدى تأثير الرهائن كورقة ضغط كانت في غير محلها، حيث رأت إسرائيل الحرب كمعركة وجودية، وفقا للمحلل السياسي أكرم عطا الله.
تفاصيل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة
ويجدر الإشارة إلى أن المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، تضمنت إطلاق سراح 33 رهينة، بينهم نساء وأطفال ومصابون وكبار في السن، مقابل الإفراج عن أسرى فلسطينيين، وكذلك تسليم جثث قتلى إسرائيليين.
ونتج عن هذه الأوضاع التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة، الذي استمر لمدة 15 شهرًا، وسط استمرار الخلاف بين إسرائيل وحركة حماس حول إمكانية تحويل هذا الوقف إلى هدنة دائمة.
الاختبار القادم
وبحسب تقرير الصحيفة، تتمثل المرحلة الحاسمة في الأيام الـ 16 الأولى من الاتفاق، حيث ستبدأ الأطراف بمناقشة إمكانية تمديد الهدنة إلى وقف دائم للقتال ضمن المرحلتين الثانية والثالثة من الاتفاق.
ومن المقرر أن تضمن هذه المراحل إطلاق سراح كافة الرهائن والتوصل إلى خطة شاملة لإعادة إعمار قطاع غزة.
ومن جهته، لفت وولفسفيلد، عالم السياسة، إلى أن "المفاوضات الحقيقية ستبدأ فعليًا في المرحلة الثانية"، لكنه أضاف: "لا شك أن ترامب يرغب في استمرار وقف إطلاق النار، حيث يسعى لتجنب حرب مستمرة إذا كان ذلك ممكنًا".