بقلم:د. رياض عواد
من الواضح أن الفلسطينيين في شوق عارم للديمقراطية فضلا عن شوقهم للحرية والتخلص من الاحتلال.
لذلك يصفون الديمقراطية علاج لكل الاوجاع، الانقسام علاجه الديمقراطية، ضعف التأثير السياسي علاجه الديمقراطية، تراجع الحريات واحترام القانون العام علاجه الديمقراطية، انه علاج فعال وشاف في نظر الفلسطينيين، كما هو فعال في نظر الشعوب المستقرة والراقية؟! السويد مثلا
والديمقراطية في التعريف العملي عند الفلسطيني تعني الانتخابات، ويضيف آخرون لهذا التعريف بعض التفاصيل والشروط، فالبعض يريدها انتخابات ثلاثية، والآخر يؤكد على ضرورة أن يتم إجرائها في آن واحد؟! في الداخل والخارج ومش لازم كمان ننسى فلسطينية ال48 وضرورة تمثيلهم في المجلس الوطني لنضمن وحدة تمثيل الشعب، يؤكد البعض؟!
هذا الطرح الجميل والجذاب للديمقراطية لعلاج أمراض الفلسطينيين المزمنة والمستفحلة منذ سنوات طويلة لا يأخذ في حسبانه كثيرا من المعيقات والصعوبات....
فلا تاريخ المنطقة وواقعها ولا تراثها وثقافتها يقول بأن الديمقراطية راسخة بين شعوبها وانظمتها، فشعوب المنطقة الهمشرية مازالت تعيش على الماضي وتقدس تراثها ولم نرى في المنطقة نظاما ديمقراطيا أو تجربة ناجعة يمكن اقتفاء اثرها؟ الا اذا اردنا ان نعتبر دولة اسرائيل ونظامها هو القدوة أو ديمقراطية الطوائف في لبنان هي المثال؟!
والذين قدموا لنا على فوهات بنادق الربيع العربي دمروا البلاد والعباد الذين اصبحوا يحنون كثيرا إلى دكتاتورية الأنظمة المستبدة بدلا من التهجير عبر البحار والفيافي والذل الذي يلاقونه في الدول العربية والإسلامية التي اضطرت لاستضافتهم مؤقتا لأهداف خاصة بها وليس رحمة بالمهاجرين.
ولا يزال الفلسطينيون وأهل غزة خاصة غارقين في نتائج ديمقراطية انتخابات 2006 التي أفضت إلى انقلاب وانقسام يتعزز يوما بعد يوم وصولا إلى الانفصال الممكن قريبا؟!
اي انتخابات واي ديمقراطية هذه التي ندعو لها وجميعنا بلا استثناء نضع ايدينا على قلوبنا خوفا من اليوم التالي للانتخابات؟!
اي انتخابات واي ديمقراطية ونحن نرى أمامنا قوى الإسلام السياسي تعلن بالفم المليان تناقضها بالكامل مع البرنامج الفلسطيني وتبنيها لبرنامجها السياسي الخاص الذي يعطي الأولوية لمصالحها وارتبطاتها الدولية والإقليمية وتقول بأن الانتخابات وسيلة وليست هدف؟!.
من الواضح أن طرح الانتخابات في ظل الاحتلال بهذه الكثافة هو تعويض عن ضعفنا وضعف ممارساتنا النضالية ضد الاحتلال ومخرجاته، لهاية نلهي بها انفسنا والناس؟!
الانتخابات هي الحل حيث تترسخ الحريات وتسود ثقافة الاعتراف بالآخر ويحترم تداول السلطات، الانتخابات هي الطريق وهي الحل في وجود قوى تؤمن بها لا تستخدمها لمرة واحدة فقط كعود الثقاب من أجل الوصول إلى كرسي الحكم والالتصاق به للابد؟
الانتخابات هي الحل بعيدا عن أرض محتلة يتحكم الاحتلال في مختلف مكوناتها ومخرجاتها، وببن شعب ينهشه الفقر والبطالة وتلعب الكبونة دورا هاما في تشكيل اتجاهات المجتمع، فضلا عن المال السياسي الذي يلعب دورا فاعلا في تهيئة واختيار النخب السياسية وينشط الإعلام الخارجي التابع للدول القوية والغنية بالترويج لهم وتسويقهم.
ما الحل، نحن نبحث عن حل، الكل يبحث عن حل، البعض يبحث عن حل لان الشعب والقضية تهمه، والبعض الآخر يبحث عن المناكفة مع السلطة والتنظيمات ليواصل دوره المرسوم له تبعا للاجندة والجهة الممولة له؟!
انني اعتقد ان وجود السلطة هي الحل والمدخل لكل الحلول، هي المدخل لحل الدولتين، وهي المدخل للنضال من أجل دولة واحدة، الاهم من ذلك ان السلطة بعجرها وبجرها هي أهم ما أنتج المشروع الوطني، واهم مهمة لهذه السلطة هي المحافظة على وجود الناس وبقائهم على الارض.... هذا هو المنطلق الذي يحب البدء منه والتمسك به؟! يرى البعض أن السلطة انتهت ويجب إعلان الدولة، لا فرق بين الرايتين، المهم التمسك بالمؤسسات الفلسطينية التي أرستها ورسختها السلطة والعمل على تطويرها
لكن السلطة تحتاج إلى انتخابات لكي تعطيها الشرعية، هذا صحيح فالانتخابات لم تعد مطلبا محليا بل أيضا دوليا.
السلطة يجب أن تحارب الفساد حتى تستطيع أن تواصل مشروعها الوطني، وهذا أيضا حق وصحيح
السلطة والفصائل الوطنية يجب أن تعمق من فعلها الوطني ضد الاحتلال وكل تعبيراته، هل ممكن أن تكون الشرعية النضالية في ظل الاحتلال بديلا عن الانتخابات ولو مؤقتا؟! من المهم التفكير في ذلك؟!
هذا وذاك وغيرها من الاطروحات صحيحة وتحتاجها السلطة لكن كل هذا يجب أن يكون على أرضية التمسك بهذه السلطة وليس المناورة من أجل هدمها وتدميرها؟!
ان طرح الشعارات والمهمات في الفراغ بعيدا عن محدداتها والظروف الموضوعية التي تحيط بها يجعل منها أداة اعتراضية لاثبات الذات، أو وسيلة للمناكفة والمداقرة والهروب من مواجهة استحقاقات الواقع المعقدة ورمي الكورة في ملاعب الاخرين. لا يمكن أن تواجه الشعوب وقواها السياسة أزماتها بهذه الآليات التي تزيد من تعقيدات المشهد ولا تراعي مصالح الناس واحتياجاتهم وربط ذلك بالمهمة الرئيسية، إزالة الاحتلال وكل ما نتج عنه، دون ذلك لا معنى لأي شعارات أو مهمات!.
الانتخابات جميلة لكنها بعيدة عن واقعنا، تطبيقها صعب ونتائجها غير مضمونة العواقب، رغم ذلك نريد الانتخابات، ولا حل مرئي آخر في ظل انقساماتنا ومزوداتنا وضعف ممارساتنا النضالية على الأرض وضد الاحتلال، الا الانتخابات؟!