بقلم: ياسمين كنعان
تقمصت ياسمينة ومشيت في أزقة القرية، والقرية وكر الوشاية كما تعلمون!
همست الجارة للجارة" ياسمينة جارتنا تفر من الحاكورة..!" وأقسمت لها أنها رأتني أخلع عني جذوري اليابسة، وأنها رأتني أمشي حافية صوب التلة البعيدة، وأن كل الزهرات البيضاء كانت تتساقط من غصوني الذابلة...وقالت إنها لا تعرف كيف نبت الأطفال من لا أرض، وكيف قبضوا بأسنانهم على قمصانهم الرثة، وكيف انكشفت بطونهم العارية، وكيف انحنوا على التربة يجمعون بأكفهم الصغيرة ما تناثر من ياسمين...!
وأقسمت برأس أمها انها رأت موكب التشييع ولم تر الجثة؛ وأن الكفن صار يتساقط مثل نتف الغيم أو الثلج أو القطن..وغلظت الأيمان وهي تقول " ثم فجأة عندما انحدر المساء على التلة لم أعد أرى من الياسمينة إلا النثار..!"
وعندما استفاقت من هول المشهد جمعت طرف ثوبها وعضت عليه بأسنانها، وركضت صوب أمي لتزف لها الخبر، و تحدثها بتفاصيل ما رأت..وحين دلفت من باب الحاكورة رأت عريشة الياسمين تصلح وقفتها، وتستجمع أغصانها، وتقف بكامل بياضها على المدخل..!
-ياسمين كنعان
28 تموز 2021
