البوابة 24

البوابة 24

أتعلم كيف أقرا... لأتعلم

محمد قاروط
محمد قاروط
أتعلم كيف أقرا... لأتعلم
محمد قاروط أبو رحمه
الإنسان كائن معرفي، ويراكم المعرفة، ويتعلم بطرق متعددة ومنها التعلم من أخطائه.
خص الله سبحانه وتعالى الإنسان بهذه الميزة، ليكون قادرا على الاستدلال بالمعرفة على الخالق، وليكون قادرا على القيام بواجبات الخلافة في الأرض، وليتمكن من التعارف والتعاون مع الآخرين في الحياة، ويكون قادرا على التعامل مع الكون والإنسان.
ولمقتضيات التعلم ولأسباب أخرى، يراكم الإنسان المعرفة في ذاكرة ممتدة تراكمية.
كلما كانت محتويات الذاكرة من المعرفة أوسع واشمل، يكون الإنسان منجزاً أكثر في الحاضر.
وكلما كانت الذاكرة منظمة أكثر، يكون التخيل عند الإنسان أجود.
هذه حياة الإنسان، ماضٍ وحاضر ومستقبل.
كل ماضٍ للإنسان...لم يمضي، كانت هناك حياته، جودة ونوعية حياة الإنسان ألان في الحاضر قررها هو في الماضي الذي كان حاضراً، وجودة ونوعية حياتنا في المستقبل نصنعها الآن، بإرادتنا.
ميزت التعلم عند الإنسان المعرفي، جعله قادر على التعلم بالقراءة والمشاهدة والسماع من أفراد عاشوا قبله بآلاف السنين، ويبعدون عنه من ناحية المسافة بين جنيات الأرض، ومن أحداث حالية او أحداث غابرة.
تشكل القراءة مصدر مهما لتطوير وعي الإنسان عن طريق تزويد ذاكرته بالمعلومات والحقائق التي تساعده على اتخاذ القرارات اللازمة في الحاضر ومن اجل المستقبل.
جودة ونوعية حياتنا في الحاضر، معتمدة على جودة ونوعية ذاكرتنا التي بناها الفرد بذاته.
نحن نقرا لمن يكتب، انتم ألان تقرؤون ما اكتب.
أما أنا عندما اقرأ، اقرأ أولا لأتعلم، أقرأ أكثر لأتعلم أكثر، وأقرأ لأتمكن من الكتابة بشكل أفضل.
فكيف اقرأ؟
اغبط الكاتب على جلده، واشكره على تخصيص وقت ليكتب، وامدح صبره القراءة والبحث عن وفي المصادر أكثر.
كل كاتب شجاع، لأنني اشعر أن الكاتب يضع جزءا منه على صفحات بيضاء،
ويعرض للعامة جزءا من وجدانه وعقله للمدح والنقد ، وأحيانا من الجهلة بالشتم والتخوين والذم.
وأنا اقرأ أتذكر ما كتبه القاضي الفاضل (عبد الرحيم بن علي البيسانيّ) إلى العماد الأصفهاني وكانا من العلماء في زمن صلاح الدين الأيوبي وفي بلاطه:
"إني رأيت أنه لا يكتب أحد كتابًا في يومه إلا قال في غده: لو غُيّر هذا لكان أحسن" فاعذره إن أبحر أو أوجز، إن أصاب أو أصابه خلل، ولا اعذره إن كان في الخلل مصيبة.
وأنا أقرأ اعلم أن الكتابة طريقة للقيادة، وان الكاتب يريد أن يؤثر في عقلي او وجداني، فامنعه حيثما يجب أن يمنع واستفيد من وجهة نظره، وأسمح له حيثما يجب.
 
وأنا اقرأ انحاز للكاتب حيث يحترمني كقارئ، واقف ضده حيث يحيد عن ذلك.
وأنا أقرا أتجول بترحاب في فكر الكاتب ووجدانه، ولا اقرأ بتحيز ايجابي او سلبي لاسم الكاتب او عنوان الكتاب.
 
وأنا اقرأ أتذكر ما كتبه الأخ بكر أبو بكر في كتابه "الاغتسال في المطر والانتصار بكر أبو بكر دار الأمين للنشر والتوزيع رام الله فلسطين ص 60، منشورات حركة فتح"، تحت عنوان نقص الثقافة والتثقيف:
"فمن لا يقرأ لا يتجدد كمن لا يستحم إذ تتراكم على جسده الأوساخ، كذلك المقل أو المفارق للكتاب الورقي أو الالكتروني حديثا حيث يتراكم على فكره الصدأ من كل جانب ما لا يجلوه إلا القراءة ومن لا يقرأ لا يكتب".
وأنا اقرأ، أقوم باستخدام القدرة التي أودعها الله بي على التعلم، واتعلم.
وأنا أقرا، ابني ذاكرتي من اجل حاضر أجود وأمتع، ومن اجل مستقبل مشرق أفضل، وأتعلم.
وأنا اقرأ، أتعاون مع الناس أفضل، وأتعلم.
وأنا اقرأ، لأربي أبنائي وأحفادي بشكل أفضل وأجمل، وأتعلم.
وأنا اقرأ، لأعمل من اجلي ومن اجل عائلتي ووطني والإنسان، أكثر وأجود وأجمل، وأتعلم.
وأنا اقرأ، اشعر أنني إنسان على قيد الحياة أتواصل مع الخالق والأنبياء وصفوة البشر ومن أريد أن أتواصل معهم، وأتعلم.
وأنا اقرأ أترحم على كل الشهداء الذين علموني كيف اقرأ، وادعوا للأحياء منهم بطول العمر.
وأنا أقرأ أتعلم كيف اقرأ، ويف استمر بالتعلم.
واقرأ أكثر، وأزيد القراءة، لأتعلم أكثر من اكبر واهم معلم، أخطائي وهفواتي وزلاتي وخيباتي.
ومن انجازاتي.
البوابة 24