البوابة 24

البوابة 24

في النظرة لا اختلاف بين بلفور وهتلر

سعدات بهجت
سعدات بهجت

بقلم: سعدات بهجت عمر

ألا يعرف مؤرخوا القرنين العشرين والحادي والعشرين حالات جرى فيها إستبدال كامل بالفعل للسكان الأصليين في بلد ما بأجناس من الدخلاء وتم إنجاز عملية الاستبدال هذه في مدة قصيرة. غير أن هذا الواقع هو ما جرى بعد امريكا في القرون السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر في فلسطين منذ بداية القرن العشرين وهذا ما يتفق مع الواقع الذي يقول بأن الانتداب البريطاني ما قام إلا لتنفيذ وعد بلفور وهذا يعني أن الانتداب البريطاني هو المسؤول الأول عن تغيير خريطة السكان في فلسطين لهذا كانت نقمة شعبنا الفلسطيني وما زالت على بريطانيا إلى أن تعتذر علناً أمام العالم أجمع وتُسقط وثيقة وعد بلفور وبطلانها. فقد بقي شعب فلسطين حتى العام 1933 في مركز الأكثرية في عدد السكان كما لوحظ في هذه الفترة انخفاضاً في هجرة اليهود كما في نهاية العشرينات من القرن الماضي بمعنى آخر إن الحركة الصهيونية بالرغم من الدعاية الهائلة والعمل الجاد المتواصل في قتل وتشريد وإبادة شعبنا الفلسطيني قد فشلت كما في بداية الانتداب البريطاني في اجتذاب اليهود الأوروبيين في الهجرة إلى فلسطين. إلا أن ظهور الفاشية في أوروبا واستيلاء هتلر على الحكم في ألمانيا قد غيَّر من الوضع لو أن السياسة الألمانية سارت في طريق آخر مطلع الثلاثينات من القرن الماضي لما كانت هناك على الأرجح مشكلة فلسطينية ولا نزاع عربي-اسرائيلي مما يثبت أن سياسة هتلر كان مخططاً لها من إحدى البوابات الصهيونية الجهنمية لتنظيم الهجرة اليهودية إلى فلسطين بالإضافة إلى تفجير بيوت ومحال اليهود في العديد من البلدان العربية والأجنبية في الخمسينيات من القرن الماضي من قبل الحركة الصهيونية. فسياسة هتلر كانت إقامة دولة بهودية في فلسطين إذ زاد تدفق اليهود على فلسطين بعد العام 1933 ومع هذا فإن ارتفاع عدد المهاجرين اليهود لم يستطع تغيير ديموغرافية فلسطين بشكل راديكالي وجاء في تقديرات حكومة الانتداب البريطاني في نهاية العام 1946 إن اليهود يشكلون ما نسبته 31% من مجموع السكان وأن قرار الأمم المتحدة رقم 181 حول تقسيم فلسطين في العام 1947 الذي أقر بشرعية دولة بهودية هو الذي ساعد فعلاً على تحويل فلسطين إلى بلد بهودي في قسم من فلسطين يؤلف شعبنا الفلسطيني فيه الأكثرية المُطلقة لو احترم مشروع التقسيم حكم الأكثرية أو لو جرى إخضاعه لاستفتاء فإن دولة الكيان الإسرائيلي الوليدة لم يكن ما يبرره واليوم وبعد الحروب الممتدة على طول 74 سنة ما زالت إسرائيل كدولة احتلال توسعية واعية لعنصريتها وحربصة على بقائها يهودية تُبادر بالتخطيط للغد وإلى ما لا نهاية لحرب بالمعنى الفعلي رسمت لها أهدافاً ثلاثة 
الأول - تدمير الميثولوجيا الفلسطينية وتصفية ما تبقى من 
          قيادة شعبنا الفلسطيني وكوادره الثابتين على القضية
          مُعتبرة ذلك سبيلاً إلى إخراجها من دائرة السياسي 
          والفلسفي والإجتماعي في معادلة القوى في منطقة 
          الشرق الأوسط مع ما يترتب على ذلك من توفر 
          الظروف المؤاتية للأطراف الطامعة للتطبيع مجاناً 
          وما يترتب على ذلك من تجريد شعبنا الفلسطيني من 
          شرعيته ومن امتداده العربي والدولي الأمر الذي 
          ينعكس حتماً على مستوى المواجهة للإحتلال 
          الإسرائيلي. 
الثاني- فرض جيو- سياسي ضاغط على الرئيس أبو مازن 
          يُراد منه أن يُثمر فتحاً لملف تمثيل فلسطيني مُفاوض 
          جديد باتجاه تقييد حرية حركة هذا التمثيل المُفاوض 
الثالث-توليد حالة من الضغط العربي نجد أساسها اليوم في 
          الظروف البالغة الصعوبة التي تمر بها السلطة الوطنية 
          الفلسطينية وإلزامها على تقديم تنازلات فوق تنازلات 
          تَمسُّ وجودها والتزاماتها الوطنية. فالمطلوب المزيد 
          من الالتفاف حول الشرعية وانهاء الإنقسام.

البوابة 24