البوابة 24

البوابة 24

الإتحاد الأوروبي وقضيتنا الفلسطينية

جلال نشوان
جلال نشوان

الكاتب الصحفى جلال نشوان

حار المحللون وقراء المشهد السياسي ،، في دور  إلاتحاد  الأوروبي في قضيتنا الفلسطينية ، 
أسئلة كثيرة ، ملحة ومنها : 
كيف يمكن للإتحاد الأوروبي إن يكون له  دوراً  فاعلاً  ومؤثراً  في إدارة الصراع   ؟ والى  متى سيظل دوره محايداً ؟ والى متى سيظل دوره مقتصراً على التمويل ؟
وفي الحقيقة :  يُعد  الإتحاد الأوروبي أحد أبرز الكيانات السياسية الدولية ، حيث  بدأ مساره منذ عام 1951 ومر بعدة مراحل توسع خلالها ليشمل( 28 دولة أوروبية )  قبل خروج بريطانيا عام 2016. 
ويعود تأسيس أول تجمع أوروبي إلى 18 أبريل/نيسان 1951 عندما اتفقت ست دول أوروبية -هي فرنسا وألمانيا وبلجيكا ولوكسمبورغ وهولندا وإيطاليا– على تشكيل المجموعة الأوروبية للفحم والصلب التي ستشكل نواة قيام المجموعة الاقتصادية الأوروبية ثم الاتحاد الأوروبي.
 والدانمارك، ثم اليونان عام 1981، وإسبانيا والبرتغال في 1986، ثم آيرلندا في 1993، فالسويد وفنلندا والنمسا عام 1995.
غير أن بريطانيا قررت في استفتاء شعبي جرى (يوم 23 يونيو/حزيران 2016 ) الخروج من حضن الاتحاد، وهي خطوة أثارت قلقا كبير داخل الاتحاد الأوروبي، وسط تحذيرات من مستقبل مجهول ينتظر اقتصاد المملكة المتحدة.
وفي ( عام 2004 )   إمتد الإتحاد الأوروبي نحو دول أوروبا الشرقية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، حيث انضمت عشر دول جديدة هي(  أستونيا وبولندا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا وسلوفينيا ولاتفيا وليتونيا والمجر، كما انضمت كل من قبرص ومالطا للاتحاد.) 
وفي 2007 انضمت رومانيا وبلغاريا، ووصل أعضاء الاتحاد الأوروبي -حتى 2014- 28 دولة. ولا تزال بعض الدول تنتظر للإلتحاق بركب الاتحاد كتركيا وألبانيا وأيسلندا ومقدونيا ومونتنيغرو ودول أخرى 
ويبقى السؤال الأكثر إلحاحاً : 
ماموقف الاتحاد الأوروبي من قضيتنا الفلسطينية ؟ 
 في الحقيقة  :
يُعد دورُ  الاتحاد الأوروبي دورأ  فاعلا رئيسا في الساحة الدولية، حيث يمارس دورا محوريا ومتزايدا في العديد من القضايا الدولية والإقليمية، خاصة في منطقة الشّرق الأوسط.
وقد بدا دوره في كثير من الأحيان مختلفا، من حيث الرؤية والمضمون والأدوات، عن مواقف الولايات المتحدة.
كما يلاحظ أن أوروبا تمكنت من رسم معالم سياسة خارجية خاصة تجاه الصراع العربي الصهيوني  منذ إصدار الدول  الأوروبية إ(علان البندقية لعام 1980) الذي كان أول بيان أوروبي رسمي يحدد موقفاً واضحاً من الصّراع.
وتضمن اعترافا بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، إلى جانب "حق الكيان الغاصب ) . وطالب بوضع نهاية لاحتلال الكيان الغاصب للأراضي العربية، وأدان بناء المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلّة.
وعودة للوراء قليلاً  نجد أن( مؤتمر مدريد للسلام في أكتوبر/تشرين الأول عام 1991) ، يعد أول دور سياسي لأوروبا كمشارك فاعل في عملية السلام، بعد أن اكتسبت رسميّا صفة المراقب داخل المؤتمر، عبر المساهمة الفاعلة في اللّجان متعدّدة الأطراف، والتي كُلّفت بتناول القضايا الفنّية وقضايا التّعاون المشترك في المنطقة.
وقد وجدت أوروبا في عقد( مؤتمر مدريد للسلام عام 1991) على أراضيها تغيرا مهما في الدور السياسي الذي يمكن أن تلعبه في عملية السلام. ورأت فيه تراجعا للكيان الغاصب  عن موقفه الرافض لأيّ دور أوروبيّ. غير أنّ الولايات المتحدة سرعان ما همّشت هذا الدّور.
إن نظرة عميقة لحقيقة الدور الأوروبي  نجد  أن ( معاهدة ماستريخت لعام 1992)  تبنت  سياسة خارجيّة   موحّدة لأوروبا مع الإعلان رسميّا عن تأسيس الاتحاد الأوروبيّ. وأعقبها في عام 1996 تعيين ممثّل خاص للشرق الأوسط لنقل مقترحاته وضماناته لجميع الأطراف الضّالعة في الصّراع. ومنذ ذلك الوقت، أصبح للاتّحاد الأوروبيّ منسّقٌ يقوم بجولاتٍ في الشّرق الأوسط على غرار المنسّق الأميركيّ
دور الاتحاد الأوروبي السياسيّ في عمليّة التّسوية لا يزال محدودا للغاية، ولا يتوافق مع الدّعم الاقتصاديّ والماليّ الذي يقدّمه لطرفي النّزاع !!!!!
وهنا يتضح الدور القذر للولايات المتحدة الأمريكية التي ارتأت تهميش أوروبا  وجعل دورها هامشياً  ، وهنا يجب التنويه أن الكيان الغاصب استثمر التهميش الأمريكي وأوروبا  ، الأمر الذي جعل الكيان الغاصب في أريحية من المماطلة والتسويف 
 لقد حاولت القيادة الفلسطينية مرارا وتكرارا  الضغط على الأوروبيين  لتفعيل دور  الاتّحاد الأوروبيّ ليكون له دورٌ فاعل ونشط في عمليّة السّلام في الشّرق الأوسط، إلا أنّ دوره السياسيّ في الصراع  لا يزال محدودا للغاية، ولا يتوافق مع الدّعم الاقتصاديّ والماليّ الذي يقدّمه لطرفي النّزاع.
ويواجه هذا الدّور تحدّيًا كبيرًا لعجزه  تمامًا عن التّأثير. ويرجع ذلك إلى عددٍ من الأسباب يأتي في مقدّمتها عدم ارتياح الولايات المتّحدة نفسها لفكرة مشاركة الاتّحاد الأوروبيّ لها في صنع سياسة الغرب عامّة تجاه منطقة الشّرق الأوسط.
كما يمكن القول إنّ محدوديّة الدور الأوروبيّ ترجع أيضا إلى الأهمّية التي تمثّلها الولايات المتّحدة ودورها في تحقيق الأمن الأوروبيّ بالنّسبة إلى بعض الدّول الأعضاء في الاتّحاد.
ومن بين أسباب ضعف تأثير الاتّحاد الأوروبيّ في  الصراع  في الشّرق الأوسط عدم قدرته على صياغة سياسةٍ خارجيّة موحّدة، نتيجة تباين مواقف الدّول الأوروبيّة الرّئيسة الأعضاء في الاتّحاد في توجّهاتها نحو التّسوية، واعتراض إسرائيل المبدئيّ على إدخال أوروبا كطرفٍ فاعل في هذا الصّراع.
فالاتحاد الأوروبيّ يجد مبرّرات لمواقفه الضّعيفة والمتخاذلة بشأن القضايا العربيّة وبالتّحديد القضيّة الفلسطينيّة في غياب أو عدم وجود توافق في الرّؤى والسّياسات بين الدّول العربيّة، بين بعضها أو بينها وبين الفلسطينيّين بشأن تلك القضايا ذاتها.
ولعلّ هذه مفارقة كبرى، فبدلاً  من أن تكون القضيّة الفلسطينيّة مجمعة لإرادات الدّول العربيّة لتسمو بها على أيّ خلافات بهدف تحقيق هدف سامٍ وهو تحرير الأرض، فإنّ تاريخ القضيّة الفلسطينيّة يشهد أنّها كانت دومًا –ولا تزال- محل خلافات الدول العربية ، مما انعكس بالسلب على هذه القضايا 
وممّا يزيد الأمر تعقيداً  وجود  الإنقسام البغيض  الذي أثقل كاهل قضيتنا  وجعلها تغرق في ٱتون  الأجندات  الإقليمية  التي   تتدخل  تدخلاً  انعكس بالسلب  على الكل الفلسطيني 
 ومن هذا المنطلق يجب  العمل على توحيد الصّفّ الفلسطينيّ  لجذب المزيد من التّأييد للقضيّة الفلسطينيّة، بالإضافة إلى استخدام كافّة أوراق الضّغط المتاحة للجانب العربيّ والفلسطينيّ لدفع الاتّحاد الأوروبيّ إلى القيام بدور سياسيّ مؤثر  في عمليّة السّلام.
وهو  لن يتحقّق  الا من  خلال الحشد والتأييد  لتشكيل قوي   عربيّة قويّة أو ما يشبه أولياً عربياً  يمارس ضغوطا على الدّول الأوروبيّة الكبرى داخل الاتّحاد بما يحقّق الأهداف العربيّة والفلسطينيّة.
وبدلا من أن تكون القضيّة الفلسطينيّة مُجمعة لإرادات الدّول العربيّة ، لتسمو بها على أيّ خلافات بهدف تحقيق هدف سامٍ وهو( تحرير الأرض) ، فإنّ تاريخ القضيّة الفلسطينيّة يشهد أنها كانت دوما -ولاتزال- محلا للتّنازع والانقسامات العربية التي ساهمت في اتخاذ الكيانات  السياسية الدولية مواقف ضعيفة من قضيتنا 
لن ينسي شعبنا وقيادته وقوف الاتحاد الأوروبي إلى جانب قضيتنا  ، خاصة الدعم المستمر الذي تقدمه دائماً ، ولن ننسى  لأصدقائنا الأوروبيين مقاطعتهم  بضائع المستوطنات  ، ولن ننسى حركة التضامن الأوروبية مع شعبنا  ولكننا  نطمح بممارسة دور سياسي فاعل ومؤثر على الكيان الغاصب لإجباره الالتزام  بقرارات  الشرعية الدولية وكذلك الاعتراف بدولة فلسطين 

البوابة 24