بقلم:جلال نشوان
تمر قضيتنا الفلسطينية بأخطر مرحلة من مراحلها ، قد تؤثر على معطيات معادلة الصراع مع الكيان الصهيوني، عكستها الكثير من المعطيات الإقليمية والدولية ، وعلى رأسها الحرب الروسية الأوكرانية وكذلك هرولة بعض الدول العربية للتطبيع مع دولة الاحتلال ، الأمر الذي انعكس سلباً على وهج القضية الفلسطينية التي كانت قضية العرب المركزية . دولة الاحتلال، انطلاقاً من قدراتها العسكرية النوعية القادرة والاتفاق مع إدارة بايدن ، تحاول أن تكون القوة المركزية في المنطقة وعلى الجميع أن ينسق معها واليوم تسعى دولة الإحتلال الصهيوني جاهدةً إلى تغيير قواعد اللعبة وذلك بتغيير أدوات الصراع بمشروع السلام الاقتصادي ، لإغلاق الملف السياسي ، لايهام المجتمع الدولي بأنه لا يوجد صراع على الأرض لقد أدرك قادة المطبخ الصهيوني منذ عدة عقود ، أن الشعب الفلسطيني ، سيرفض كافة المشاريع السياسية ، التي لا تلبي حقوقه ، وبناء دولته ، لذا لجأت إلى طرح مشروع صفقة القرن ، ولكن شعبنا وقيادته الشرعية و كل قواه السياسية والشعبية ، رفضوا تلك الصفقة واليوم يتبنى المشروع الصهيوامريكي ، مشروع( سلام اقتصادي شامل ) أو (الاقتصاد مقابل الأمن ) وهنا يداهمنا السؤال الأكثر إلحاحاً: ما الهدف الذي تسعى إليه دولة الإحتلال ومعها كل قوى الشر والعدوان ؟ وتأتي الإجابة سريعة ، أن (رئيس الوزراء الصهيوني ( يئير لبيد، ) صرح مراراّ وتكراراً ، أن كيانه الغاصب لن ينسحب من أراضي عام 67 ولن يسمح بإقامة دولة فلسطينية ، وتتمسك بالمستوطنات ،وترى أن الأمر الوحيد الذي يمكن الاتفاق عليه هو ( السلام الاقتصادي ) وسبقه رئيس الوزراء الصهيوني الإرهابي ( نفتالي بينيت) الذي كرر في أكثر من مناسبة ، بأنه سيأتي بالسلام الاقتصادي.. ولن ينسحب ولن يسلم أراضي، ولن يسمح بقيام دولة فلسطينية ، وقبل أن يتولّى منصبه الحالي كان يطرح : أن هناك دولتان فلسطينيتان واحدة في غزّة والثانية في الأردن ولا حاجة لدولة ثالثة !!!!! انها وقاحة وعربدة صهيونية ، لم تعهدها كل الأجيال!!!! ولم يقتصر الأمر على الإرهابيين ( لابيد وبينت ) بل أدلى بدلوه في هذا الشأن ، مجرم الحرب وقاتل الأطفال ( بيني غانتس، وزير الأمن الصهيوني ) وتحدث عن هذا المشروع اللافت للنظر أن إدارة بايدن الصهيونية ، تماهت. تماماً مع هذا المشروع القذر ، ولها حساباتها السياسة وعلى رأسها عدم عودة الإرهابي نتنياهو إلى الحكم ، وذلك بسبب تناغمه مع إدارة ترامب السابقة ومن السخرية أن مجرم الحرب ( لابيد ) يتحدث بوقاحة قائلاً ( من الممكن ان يتحوّل مشروع السلام الاقتصادي إلى واقع ملموس، حتى لو رفضت القيادة الفلسطينية ذلك وهي فعلا ترفصه جملة وتفصيلاً ايها السادة الافاضل: إننا أمام احتلال احلالي كولنيالي ارهابي ، يتبنى هذا المشروع القذر ويجاهر بوقاحة ، عن رفضه للانسحاب إلى حدود الرابع من حزيران 1967 وحق العودة وتقسيم القدس وإزالة المستوطنات، للالتفاف على عجزه عن امتلاك رؤية أو حل للصراع العربي الصهيوني، والتخفي بأهدافه العنصرية وراء الواجهة الاقتصادية، وتسييج جدار مضادّ حول خطوط حدوده المطاطية المرنة، كيان احلالي كولنيالي إجرامي ، لم تسهم معاهدات السلام مع مصر (1979) والأردن (1994) في توطيد ركائزه ، بسبب سياسته العدوانية العنصرية ضد الشعب الفلسطيني. وقد ارتبطت مسوغات الاحتلال للأخذ بناصية هذا المفهوم بمصير المشروع الصهيوني نفسه، الذي خضع لوقفة فكرية بحثية في سنوات سابقة، ولكنها تجددت مؤخراً عبر مراكز صنع القرار الصهيوني في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية ، وأمام انتقادات داخلية متنامية لسياسة الاحتلال الخارجية المتطرفة وتصديه للسلام ولتناقضاته وأزماته الداخلية ( الانتخابات) ، وإزاء معطيات ديمغرافية ترجح كفة الوجود السكاني الفلسطيني على اليهودي، وهذا مايؤرق قادة المطبخ الصهيوني على الدوام أدوات الصراع مع المشروع الصهيوني ، تتغير ، وسلام ابراهام التطبيعي يترسخ مع مضي الأيام ، رغم رفض الجماهير العربية من المحيط الى الخليج والاحتلال الأسود ، كيان تم صناعته من الغرب ، الذي يمده بكل مقومات الصمود ، وزيارة بايدن الأخيرة وضحت بما لا يدع مجالاً للشك أن هذا الكيان يرتكب جرائم حرب ، لكنه يحظى بتأييد مطلق ، وللأسف دائما يخرجون علينا بسمفونية الدفاع عن النفس!!!!! لن يستطيع الإحتلال تغيير أدوات الصراع ، لأن بوصلة الشعب الفلسطيني واضحة وضوح الشمس ، وهي رحيل الإحتلال عن أرضه وإقامة دولته المستقلة ، طال الزمن أم قصر.