واقعة مؤلمة شهدتها محافظة صفاقس خلال أيام عيد الفطر، حيث تم انتشال عدد كبير من الجثث من البحر، كما أصدرت السلطات الصحية في المحافظة، نداء استغاثة بعد تراكم جثث أكثر من 180 مهاجرا غير شرعي من إفريقيا جنوب الصحراء، بمستشفى الحبيب بورقيبة بصفاقس، بانتظار صدور نتائج التحليل الجيني وإيجاد حلول لدفنها في الأراضي العامة التابعة للدولة.
جاء ذلك بعد زيادة عدد الجثث التي يتم إخراجها أو ألقاها البحر، وكذلك بعد محاولات متكررة من قبل المهاجرين لعبور البحر الأبيض المتوسط باتجاه أوروبا، والتي تزامنت مع استقرار درجات الحرارة.
تدخل السلطات المركزية
وفي هذا الإطار، أكد حاتم الشريف، المدير الجهوي للصحة بصفاقس، إنهم يعملون على تجاوز الأزمة الصحية بالمدينة بعد تدخل السلطات المركزية لتسريع التحاليل الجينية وتخصيص مقبرة للمهاجرين الأجانب في أحواز المدينة.
وأشار "الشريف"، إلى أن تدفق عدد كبير من الجثث التي تم انتشالها من البحر الأبيض المتوسط في فترة وجيزة خلال أيام العيد تجاوز طاقة قسم الطب الشرعي بالمستشفى، مؤكدًا أنه تم العثور على أكثر من 150 جثة خلال هذه الفترة، من شواطئ قرقنة ولواتا واللوز بعد أن غرقوا أثناء محاولتهم الإبحار خلسة إلى الشواطئ الأوروبية.
استقبال 30 جثة
كما أوضح "الشريف"، أن مستشفى صفاقس استقبل يوم الاثنين 30 جثة جديدة وتوقع أن يكون من بين المهاجرين، الذين لقوا حتفهم، مواطنين تونسيين وهو ما ستؤكده نتائج التحاليل الجينية.
ومن جانبه، أكد خالد العثماني، مدير مستشفى صفاقس، أن عدد جثث ضحايا الهجرة غير الشرعية تجاوز طاقة استيعاب المستشفى مرجحا ارتفاعها حسب ما يصلهم من أخبار.
الوضع أصبح مأساوي
وبدوره، نوه رمضان بن عمر، المتحدث الرسمي باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية المنظمة العاملة في مجال الهجرة غير الشرعية، إلى أن ملف الهجرة في تونس أصبح مأساويًا بسبب عدم وجود مقاربة شاملة من قبل السلطات لوقف نزيف الهجرة.
وأوضح "بن عمر"، أن موسم تحسن الأحوال الجوية في تونس هو الوقت الذي تزداد فيه أعداد ضحايا الهجرة السرية بالتزامن مع عجز السلطات عن ضبط دليل موحد للتعامل مع الكوارث البحرية ينسق بين الجهود الإدارية والأمنية والصحية لتفادي تكدس الجثث على السواحل أو في المستشفيات لأن كرامة البشر أولوية مطلقة.
وتابع "بن عمر"، أن تونس تستغل امكانياتها الضعيفة للمقاربة الأمنية ومنع المهاجرين من الإبحار بشكل غير قانوني، مع إهمال جهود الإنقاذ أو التعامل بأكثر نجاعة مع الكوارث البحرية، بما يضمن دفن لائق للجثث وتقديم معطيات لعائلات المفقودين خاصة مع صعوبة التمييز بين جنسيات الضحايا.
جماعات الإتجار بالبشر
وفي السياق ذاته، أشار "بن عمر"، بأصابع الاتهام إلى جماعات الإتجار بالبشر التي تكدس الأرباح وتستعمل وسائل أكثر خطورة لتحقيق الاستفادة المادية، فيما تلعب الدولة دور الشرطة على السواحل دون حماية لضحايا الكوارث البحرية.
ويشار إلى أن وحدات "الحرس البحري" في العديد من المناطق الساحلية، أعلنت في بيان له، أنها أحبطت حوالي 49 عملية هجرة غير شرعية، في نهاية الأسبوع، وانقذت 921 مهاجرا من الغرق معظمهم من الأجانب.
والجدير بالذكر أن "تونس" استحوذت على مكانة "ليبيا" لتصبح نقطة انطلاق رئيسية للمهاجرين الهاربين من الصعوبات الاقتصادية والجفاف والصراعات في أفريقيا والشرق الأوسط على أمل الحصول على حياة أفضل في أوروبا.