بقلم: جلال نشوان
نتنياهو المأزوم والمُثقل بالكثير من ملفات الفساد ،يعمل ليلاً ونهاراً كالنمر المجروح لإبعاد ذلك الملف الذى يطوق عنقه ، حيث يعمل الإئتلاف الحاكم على مساعدة نتنياهو وزعيم حزب شاس المتحالف معه آرييه درعي في مشكلاتهم القانونية وقضايا الفساد والإحتيال التي تلاحقهم، وذلك بسن قوانين تمنع تنحية رئيس الوزراء من منصبه، وتضع طريقتين فقط لفعل ذلك: إما أن يقوم رئيس الوزراء بإبلاغ الكنيست بأنه سيتنحى من منصبه، وإما أن الحكومة تنحي رئيس الوزراء بأغلبية ثلاثة أرباع وزراء الحكومة، ثم يتم تأييد هذا القرار بأغلبية 90 عضوا ومن ضمن أهدافه الخبيثة للتعديلات القضائية ، إعادة ترتيب شاملة لأوضاع الحكم الداخلية والسياسية، بما يمهد لضم فعلي للأراضي الفلسطينية حيث يعمل الائتلاف الحاكم على مساعدة نتنياهو بسن قوانين تمنع تنحية رئيس الوزراء من منصبه، وتضع طريقتين فقط لفعل ذلك: إما أن يقوم رئيس الوزراء بإبلاغ الكنيست بأنه سيتنحى من منصبه، وإما أن الحكومة تنحي رئيس الوزراء بأغلبية ثلاثة أرباع وزراء الحكومة، ثم يتم تأييد هذا القرار بأغلبية 90 عضوا في الكنيست. وبالصورة نفسها، يسعى الائتلاف إلى إعادة درعي الذي أبطلت المحكمة العليا تعيينه، في 18 يناير/كانون الثاني 2023، وزيرا للداخلية والصحة، مشيرة إلى أنه أُدين بتهرب ضريبي، وهو ما دفع نتنياهو لإقالته من منصبه ومن أهداف نتنياهو للتعديلات يتعلق بتركيبة المحكمة العليا. تشمل خطة إصلاح القضاء منح أعضاء الكنيست نفوذا أوسع في لجنة تعيين قضاة المحكمة العليا، وذلك بهدف منح السلطات السياسية دوراً محورياً في اختيار أعضاء اللجنة، وهو ما سيسمح للحكومة الحالية، في حال استمرت لأربع سنوات، حق تعيين أربعة قضاة جدد مكان الأربعة الذين سيتقاعدون خلال السنوات الثلاث القادمة، ثلاثة منهم من الليبراليين، والسيطرة من ثَمّ على المحكمة العليا. وقد أقر الكنيست، في 21 مارس/آذار 2023، أول قراءة، من ثلاث قراءات، لمشروع قانون يهدف إلى توزيع السلطة في لجنة اختيار القضاة، وهو ما سينهي التوازن الحالي الذي يتطلب اتفاقا بين الممثلين السياسيين والمهنيين، ويمكِّن السياسيين في الائتلاف من السيطرة على التعيينات السادة الأفاضل: يجمع قراء المشهد السياسى، خاصة المختصين بمتابعة الشؤون الصهيونية أن دولة الكيان الغاصب دخلت حالة صراع غير مسبوقة على هوية الدولة اليهودية والمشروع الصهيوني وملامحه المستقبلية والجميع أكد أن المجتمع الصهيوني لن يعود إلى ما كان عليه لأن خطة نتنياهو لإجراء التعديلات القضائية ، أحدثت شرخاً يصعب ترميمه مستقبلاً، رغم الهدوء المؤقت حالياً، فالانقسام في الدولة والمجتمع الصهيونيين لم يكن سياسياً، بل اجتماعي وأيديولوجي، كما أنه ليس انقساماً بين أنصار الديمقراطية والمعادين لها كما تصور المعارضة، بل صراع محتدم حول مصالح متباينة لفئات اجتماعية مختلفة، وبالتالي فإن المفاوضات المنتظرة بين الحكومة والمعارضة لن تكون يسيرة، خاصة أن وفد الحكومة في الحوار أو جلسات التفاوض سيضم ممثلين لأحزاب الائتلاف جميعاً، وبعضهم مثل حزب الصهيونية الدينية وحزب عوتسماه يهوديت لن يتخلى عن مطالبه، خاصة فيما يتعلق بصلاحيات المحكمة العليا، وبالتالي فإن الفترة المقبلة حتى قرب نهاية شهر أبريل القادم ربما لن تعدو كونها مرحلة التقاط الأنفاس، استعداداً لجولة ربما تكون أكثر عنفاً بين الجانبين، أو إسقاط حكومة نتنياهو بواسطة حلفائه أنفسهم ودخول دولة الإحتلال في دائرة مفرغة جديدة من عدم الاستقرار السياسي، ما لم تحدث مفاجآت مثل إدانة نتنياهو في القضايا التي يحاكم بسببها منذ عام هناك الكثير من التفسيرات حول خروج مئات الآلاف إلى الشوارع. التظاهرات السابقة والعنف الذي اتخذه الشرطة نجحا في أن يوقظا اكثر الناس لامبالاة. فالتحريض منفلت العقال ليائير نتنياهو، الذي وصف المتظاهرين بـ"إرهابيين"، ترجم غضبا تحول إلى خروج إلى الشوارع مع علم دولة الإحتلال. وأحداث يوم الأربعاء الماضي، التي اشتعلت فيه الأجواء لأول مرة وسجلت مواجهات عنيفة، أعادت الهواء إلى المتظاهرين. فقد شعروا لأول مرة بأنه في الكنيست بدأت الكراسي تهتز. وبنك أهداف لم نسمعه قبل ذلك في هذه التظاهرات كالمعتاد، فضل الشباب الذهاب إلى حفلات عامة وإلى حفلات المساخر وللوهلة الأولى اتضح أن من التظاهرات الأولى التي يقودها الجمهور من شريحة كبيري السن، وليس من جيل الشباب المنشغلون بأمور أخرى والتظاهرات تعنيهم اقل. وسؤال آخر يكرر نفسه في كل هذه التظاهرات: أين الوسط العربي؟ وفي الحقيقة: عندما ننظر إلى هذه التظاهرات يخيل لنا أن المجتمع الصهيوني عاد منذ الآن لأن يتفكك إلى قبائل ؟ يعكس اتساع دائرة الاحتجاجات في ضد خطة التعديلات القضائية، التي تقودها حكومة بنيامين نتنياهو، الأزمة الداخلية والاستقطاب، وتعمّق الشرخ في المجتمع الصهيوني ، والصراع السياسي والحزبي، وحالة الانقسام التي تتنامى يوماً بعد يوم الشرخ الحاصل في المجتمع الصهيوني، والاحتجاجات، والانقسام في الجيش والمؤسسات الأمنية، وتداعيات الانقسام على الاقتصاد والمؤسسات المصرفية والأكاديمية، كل ذلك سيفضي إلى مجتمع منقسم على ذاته، وليس لديه إجماع على أي قضية السادة الأفاضل:. الانسداد يدفع قراء المشهد السياسى والمتابعين إلى طرح سؤال عما إذا كان نتنياهو على رأس حكومته السادسة، وربما الأخيرة، سيلجأ إلى تصدير أزمته الداخلية إلى الخارج، بافتعال مواجهة مع اي جهة خارجية ، على أمل أن يفضي التهديد الخارجي إلى حرف الأنظار و شد العصب الصهيوني الداخلي، وإطفاء بؤر التوتر بين الكيانات والمكونات السياسية والفكرية والاجتماعية الصهيونية لطالما عزز لحمتها وجود خطر خارجي داهم يأخذ في الغالب الأعم شكل "تهديد وجودي"، سواء أكان تهديداً حقيقاً أم متخيلاً، واقعياً أم متطيراً. وهنا وفي هذا المقام تتناسل الأسئلة ، منها على سبيل المثال لا الحصر: أين ستكون وجهة نتنياهو ومغامرته المحتملة المقبلة؟ ومن هو العدو الذي سيكون موضع الاستهداف؟ وهل ينجح نتنياهو في تحقيق مآربه؟ وهل يكون قادراً على تسويق بضاعته وتسويغها؟ الأنظار تتجه صوب 3 جبهات تتفاوت التقديرات بشأن استعداد نتنياهو وقدرته على إشعالها، هي الجبهات الفلسطينية واللبنانية والإيرانية، فأين سترسو أشرعة التصعيد الصهيوني؟ وما الجبهة الأكثر عرضة للتسخين في المرحلة المقبلة الأيام القادمة حبلى بالمفاجآت وأن غداً لناظره قريب.
الكاتب الصحفي جلال نشوان