قمة العلمين وتداعيات غياب الأفق السياسي

بقلم: جلال نشوان

جاء اجتماع العلمين( الفلسطيني المصري الأردني) الثلاثي للتصدي لخطوات حكومة الائتلاف اليمينية الفاشية التي يرأسها نتنياهو والتي تسابق الزمن لتهويد القدس وترسيخ التقسيم ألزماني والمكاني للمسجد الأقصى صناع القرار في العالم العربي يتابعون المشهد السياسي الصهيوني في الشهور الأخيرة ، فالمشهد لم يسبق له مثيل في تاريخ الكيان من الفاشية والاجرام ، حيث يمارس المحتلون بشاعتهم وارهابهم أمام العالم كله ، هذا من جانب ، من جانب آخر ، الانقسام الحاد في المجتمع الصهيوني الذي شهد انقساماً يقف وراءه شلالاً من التناقضات الفكرية و السياسية، فالواقع السياسي الصهيوني يبدي صورة حادة من التنافس والتزاحم بين الفاشية والليبرالية الصهيونية ... الولايات المتحدة الأمريكية ترى أن المشهد السياسي الصهيوني الراهن تعبر عنه أحزاب وتيارات سياسية تعكس بدورها شكل التباين الثقافي أكثر مما تعكس تنوعاً سياسياً وفكرياً حقيقياً ، وترى انه يحمل جملة من الأخطار على سياستها وأن الساحة الصهيونية تعج بالآراء والأفكار والتصورات التي تجعل من الصعب حدوث أى تقدم في العملية السياسية وأن خطورة غياب الأفق السياسي يهدد مصالحها ، لذا تبذل جهودا مكثفة لترتيب الأمور واقصاء الفاشيين والدفع بإتجاه الجنرال بالإحتياط( بيني غانتس) ، الشخصية الأنسب لرئاسة الوزراء، كما أكّدت الإستطلاعات أنّه لو جرت الانتخابات في الكيان اليوم لكان المعسكر المؤيد لنتنياهو سيحصل على 52 مقعدًا فقط، من أصل 120، الأمر الذي يمنعه من تشكيل حكومة، ويمنح المعارضة الفرصة لقلب الموازين اللافت في الأمر أن الفاشي نتنياهو يعاني من العزلة الدولية، بل يتعدى ذلك لينسحب الأمر على عزلته داخل كيان الإحتلال، إذ أن الرجل، المعروف بكذبه المزمن، يخشى مواجهة الصحافة ، التي تعرف عن ظهر قلب ألاعيبه السياسية ومما زاد الطين بلة أنه أجرى مقابلة صحافية مع الإعلام الغربي ، متجاهلاً الإعلام الصهيوني عن سبق الإصرار والترصّد. علاوة على ما ذُكِر أعلاه، فإن استطلاعات الرأي الأخيرة التي تُنشر تباعاً في الإعلام قوّة نتنياهو في الشارع الصهيونيّ تتراجع وبقوّة ، فيما يُواصِل قائد حزب (المعسكر القوميّ) بقيادة الجنرال بالاحتياط بيني غانتس، التقدّم قادة الدول العربية يدركون جيداً أن نتنياهو يكذب أكثر مما يتنفس وأنه يعاني من العزلة الدولية ويتراجع بالإستطلاعات حتى وصف أحد المحللين السياسيين بأنه رئيس حكومة مافيا .

سفارة الولايات المتحدة الأمريكية لدى الكيان ترسل تقاريراً وعلى مدار الساعة لإدارة بايدن ومنها أن دولة الاحتلال في طريقها للتفكك وأن الجيش في حالة تفككٍ متقدمة، وأن بنيامين نتنياهو يُعاني من عزلة دولية خانقة ، والدليل على ذلك أن الرئيس الأمريكيّ، جو بايدن، يرفض بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على تشكيل الحكومة المتطرفة والعنصريّة والفاشية، توجيه دعوةٍ تقليدية لنتنياهو لزيارة البيت الأبيض والإجتماع معه، كما جرت العادة مع جميع رؤساء الوزراء قي دولة الاحتلال. بالإضافة إلى ذلك، فإن دولة الإمارات العربيّة المتحدة، والتي كانت وجهت له دعوة لزيارتها تراجعت وأعلنت عن تأجيل الزيارة إلى أجلٍ غير معروف، بسبب سياسات حكومات نتنياهو العنصرية واقتحامات الأقصى التي يقوم بها وزير الأمن القومي، الفاشي إيتمار بن غفير، الذي يسعى لإقامة دولة التفوّق اليهوديّ، التي تخضع لشرائع التوراة. وموقف الإمارات من نتنياهو لم يمنع وزير خارجيتها من لقاء رئيس المعارضة في العاصمة الإيطاليّة روما، وبحث سبل التعاون بين البلديْن، الأمر الذي أثار غضب نتنياهو لتجاهله من قبل المسؤولين الإماراتيين. قمة العلمين ، أكدت على أهمية توفير المجتمع الدولي ، الحماية للشعب الفلسطيني وتكاتف الجهود لإيجاد أفق سياسي يعيد إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة لحل القضية الفلسطينية وأن خطورة استمرار غياب الأفق السياسي وتداعيات ذلك على الدول المحاورة والاقليم الجدير بالذكر أن قمة العلمين أوصلت رسالة إلى العالم أن الشعب الفلسطيني ليس لوحده وذلك بمواصلة التنسيق والتشاور مع إزاء القضايا ذات الاهتمام المشترك، . وفي الحقيقة: تأتي قمة العلمين، في تطور لافت سلم سفير السعودية لدى الأردن نايف بن بندر السد يري السبت نسخة من أوراق اعتماده سفيرا فوق العادة مفوضا وغير مقيم لدى دولة فلسطين وقنصل عام في القدس ... قراء المشهد السياسي يرون أن هناك جهود أمريكية وراء الكواليس هدفها احداث اختراقات جديدة ومستجدة هدفها تعزيز المصالح الأمريكية في المنطقة و أن تحقيق ذلك مرتبط بتقدم على المسار الفلسطيني، وباتت الخشية من تدهور الأوضاع والتصدي لمخطط تهويد القدس والتقسيم الزماني والمكاني والتوسع الاستيطاني الذي يفضي للضم. دول الجوار باتت تدرك خطورة الممارسات الاجرامية الإرهابية الفاشية الصهيونية على دول الجوار العربي والإقليم برمته. الشعب الفلسطيني أمام مرحلة جديدة مفتاحها ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني وحدوث اختراق في التقارب بين فتح وحماس والفصائل الفلسطينية وقد تفضي لحكومة وحده وطنية وتعيين موعد لاستحقاق الانتخابات الرئاسية والتشريعية وربما هناك خطة للانتقال من السلطة إلى الدولة والإعلان عن دولة فلسطين دولة تحت الاحتلال وبغطاء عربي وإقليمي ودولي لتفويت الفرصة على حكومة نتنياهو لفرض سياسة الأمر الواقع وضم أجزاء من الضفة الغربية. قمة العلمين الثلاثية مهمة للغاية وتأتي بعد استضافة مصر لاجتماع إنهاء الانقسام والاتفاق على ترتيب أولويات المرحلة للشأن الفلسطيني.

البوابة 24