انطلقت اليوم الاثنين في دولة قطر، أعمال القمة العربية ـ الإسلامية الاستثنائية، وذلك لمناقشة الرد على الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مقر إقامتهم في العاصمة الدوحة.
انطلاق قمة الدوحة
كما سبق وعقد وزراء خارجية الدول العربية والإسلامية، أمس الأحد اجتماعاً تحضيرياً في الدوحة، جرى خلاله بحث مشروع البيان الختامي، تمهيداً لعرضه على القادة المشاركين في القمة اليوم.
أمير قطر:
شدد أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، على أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعيش في وهم خطير يتمثل في سعيه لتحويل المنطقة العربية إلى منطقة نفوذ إسرائيلية، مشدداً على أن هذا الطموح لن يتحقق.
وفي كلمته بالقمة العربية الإسلامية، أدان الشيخ تميم "الاعتداء الغادر الذي استهدف العاصمة القطرية الدوحة، واستهدف أحد المساكن التي تؤوي عائلات من قيادات حركة حماس"، موضحاً أن الهجوم وقع في حي سكني يضم مدارس وبعثات دبلوماسية، وأسفر عن مقتل ستة أشخاص بينهم مواطن قطري، إضافة إلى إصابة 18 آخرين.
كما وصف الشيخ تميم الحادث بأنه "انتهاك سافر وخطير وعمل إرهابي جبان"، مشيراً إلى أن قطر، رغم بعدها آلاف الأميال عن ساحة الصراع، تبذل منذ عامين جهود وساطة للتوصل إلى تسوية توقف الحرب في غزة، والتي تحولت إلى حرب إبادة تهدف إلى إطلاق الرهائن.
وأفاد أمير قطر، بأن الدوحة استضافت خلال المفاوضات وفوداً من حماس وإسرائيل، وأسفرت الوساطة عن تحرير 135 رهينة مقابل هدنتين وإطلاق مئات الأسرى، غير أن إسرائيل واصلت عملياتها العسكرية، موضحًا أن الاعتداء الغادر وقع بينما كانت القيادة السياسية لحماس تدرس اقتراحاً أمريكياً، مؤكداً أن إسرائيل كانت على علم بمكان الاجتماع، ورغم ذلك قررت اغتيال مفاوضين يناقشون الورقة الأمريكية.
وتساءل قائلاً: "إذا كان الهدف هو الاغتيال، فلماذا التفاوض؟ وإذا كان الهدف إطلاق الرهائن، فلماذا الاغتيال؟"، مؤكداً أن هذا يكشف الطبيعة الغادرة والخبيثة للهجوم.
ولفت الشيخ تميم، إلى أن من يقف وراء تلك العمليات يسعى لإفشال المفاوضات، موضحاً أن إسرائيل تستغل الصراع لتوسيع المستوطنات، والتضييق على الفلسطينيين في الضفة الغربية، وضم أجزاء منها، في وقت تحاول فيه جعل غزة غير صالحة للعيش.
كما شدد الشيخ تميم، على أن نتنياهو يتباهى بالسيطرة المطلقة في الشرق الأوسط، ويسعى لجعل التدخل الإسرائيلي في أي مكان وزمان أمراً اعتيادياً، مشيراً إلى أن حكومته تستغل القوة الجوية لقصف بلدان المنطقة بشكل روتيني، كما اتهم إسرائيل بمحاولة زج لبنان في حرب أهلية، ورفض التفاوض بشأن الجولان، واعتبار المناطق الجنوبية ضمن مناطق نفوذها.
وتابع الشيخ تميم، أن إسرائيل تبني نظام احتلال وفصل عنصري، وتشن حرب إبادة واضحة، بينما يعلن رئيس وزرائها رفضه الصريح لقيام دولة فلسطينية، محاولاً فرض وقائع جديدة على الأرض.
وختم الشيخ تميم بالتأكيد على أن إسرائيل لو قبلت مبادرة السلام العربية لجنبت المنطقة مآسي لا حصر لها، مجدداً عزم قطر على "فعل كل ما يلزم للحفاظ على سيادتنا ومواجهة العدوان الإسرائيلي".
منظمة التعاون الإسلامي:
ومن جهته، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين طه، أن القمة تمثل مناسبة مهمة لاتخاذ موقف موحد وحازم تجاه الاعتداء الإسرائيلي الآثم.
وقال في كلمته خلال القمة: "نجدد إدانتنا الشديدة للاعتداء السافر على دولة قطر وسيادة أراضيها، وندعو مجلس الأمن لتحمل مسؤولياته في مساءلة إسرائيل عن جرائمها".
وتابع: "نؤكد دعمنا لمخرجات المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية وحل الدولتين".
كما أردف الأمين العام، قائلًا: "نحن واثقون من أن مخرجات هذه القمة ستعزز التضامن العربي والإسلامي".
وأوضح أن "العدوان الإسرائيلي على السيادة القطرية فاق كل الحدود وتجاوز كل مبدأ إنساني".
العراق:
كما شدد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، على أن الاعتداء على قطر يوجه رسالة سلبية ويقتل عمداً فرص الحلول السلمية.
وأشار "السوداني"، إلى أن استمرار سياسات إسرائيل من دون رادع سيؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار، ولن يحقق الأمن لأي طرف.
وأكد "السوداني"، أن أمن واستقرار أي دولة عربية أو إسلامية جزء لا يتجزأ من أمننا الجماعي.
واستطرد "السوداني"، قائلًا: "أقترح إصدار موقف عربي وإسلامي موحد يدين الاعتداء على دولة قطر الشقيقة، كما أقترح التعامل مع أي اعتداء على أي دولة عربية أو إسلامية باعتباره تهديداً لكل دول الكتلتين".
وتابع: "أقترح وضع خريطة طريق شاملة لوقف إطلاق النار بشكل كامل في غزة، وتشكيل لجنة عربية إسلامية مشتركة لنقل موقفنا إلى مجلس الأمن والجهات الدولية".
كما أضاف: "نحن أمام فرصة حقيقية لنبعث برسالة واضحة تؤكد أن أمن بلادنا ليس مسألة تفاوض".
الأردن:
وفي السياق ذاته، أكد العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، أن أمن قطر هو أمن الأردن، واستقرارها استقرارنا، مشدداً على الدعم المطلق لها.
وتابع العاهل الأردني: "إسرائيل تمادت في أفعالها بالضفة الغربية على نحو يقوض التوصل إلى حل الدولتين".
وأشار إلى أنه "لا بد أن تخرج قمتنا بقرارات عملية لمواجهة هذا الخطر ووقف حرب غزة ومنع تهجير الشعب الفلسطيني".
كما شدد الملك عبدالله الثاني، على أن "العدوان على قطر يثبت أن التهديد الإسرائيلي ليس له حدود، ويجب أن يكون ردنا على الاعتداء على قطر واضحاً وحاسماً".
مصر:
ومن جانبه، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أن "القمة تنعقد في ظل تحديات جسيمة، بينما تسعى إسرائيل لتحويل المنطقة إلى ساحة مستباحة للاعتداءات".
ولفت السيسي، إلى أن الاعتداء الآثم على الأراضي القطرية يعد انتهاكاً جسيماً للقانون الدولي وسابقة خطيرة، قائلًا: "أحذر من أن سلوك إسرائيل المنفلت من شأنه أن يعزز رقعة الصراع ويزعزع الاستقرار في المنطقة".
وأدان السيسي، بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي الذي استهدف دولة وسيطة، مؤكداً أن الانفلات الإسرائيلي والغطرسة المتنامية تتطلب منا العمل على مبادئ تعبر عن رؤيتنا المشتركة.
كما شدد السيسي، على أن على إسرائيل أن تدرك أن أمنها وسيادتها لن يتحققا بالقوة، بل من خلال احترام القانون وسيادة الدول.
وأوضح أن "الغطرسة الإسرائيلية تتطلب منا رؤية مشتركة للأمن والتعاون الإقليميين"، مضيفًا: "مصر تؤكد رفضها الكامل لاستهداف المدنيين وتجويع شعب بأكمله"، مؤكداً أن الحلول العسكرية ومحاولة فرض الأمر الواقع بالقوة الغاشمة لن تحقق الأمن لأي طرف.
كما جدد السيسي تأكيده على رفض مصر الكامل لأي مقترحات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم، قائلًا: "آن الأوان للتعامل بجدية وحسم مع القضية الفلسطينية، وأجدد الدعوة للاعتراف الفوري بدولة فلسطين باعتبار ذلك السبيل الوحيد لتحقيق حل الدولتين".
وتابع: "رسالتنا اليوم واضحة وهي أننا لن نقبل بالاعتداء على سيادة بلادنا".
إيران:
ومن جهته، قال الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان إن "استفزازات إسرائيل تعمل على تقويض القانون الدولي"، مؤكداً أن الهجوم على قطر "تجاوز كل الخطوط الحمراء" وكان هدفه "إفشال الجهود الرامية لوقف الإبادة الجماعية في غزة".
لفت "بزشكيان"، إلى أن "إسرائيل مستمرة في عدوانها بذريعة الدفاع عن النفس"، داعياً الدول إلى "التحسب لأي اعتداءات إسرائيلية جديدة".
واعتبر "بزشكيان"، أن "ازدواجية القانون الدولي منحت إسرائيل الضوء الأخضر لمواصلة جرائم التطهير العرقي"، مشدداً على أن تل أبيب تستغل هذه الثغرات لمراكمة عدوانها.
كما طالب "بزشكيان"، الدول العربية والإسلامية بأن تكون "موحدة في مواجهة إسرائيل"، محذراً من أن أي دولة ليست في مأمن من هجمات تل أبيب.
تركيا:
كما أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إن "العدوان الإسرائيلي المتصاعد يشكل تهديداً لمنطقتنا"، معتبراً أن "فكر إسرائيل المنحرف يهدد الاستقرار والأمن في العالم".
وناشد "أردوغان"، المجتمع الدولي بـ "ممارسة ضغوط اقتصادية على إسرائيل"، مؤكداً أن التجارب السابقة أثبتت نجاح هذه الضغوط، كما شدد في المقابل على رفض ممارسات التهجير والإبادة والتقسيم الإسرائيلية.
وأضاف "أردوغان"، أن "الهجوم على الدوحة رفع من العربدة الإسرائيلية إلى مستوى غير مسبوق".
كما أردف "أردوغان"، قائلًا: "أصبح من الواضح أن حكومة بنيامين نتنياهو تستهدف مواصلة المجازر بحق الشعب الفلسطيني وجر المنطقة للفوضى"، مشيراً إلى أن إسرائيل تنتهك مواثيق الأمم المتحدة والنظام الدولي.
ولفت "أردوغان"، إلى أن "جرائم حكومة نتنياهو تدفع أقرب حلفائها إلى الاعتراض على سلوكها"، لافتاً إلى أن إسرائيل تستمد قوتها من "استمرار إفلاتها من العقاب والمحاسبة".
كما شدد "أردوغان"، على أن "الأمة الإسلامية تمتلك الأدوات التي تمنع إسرائيل من تنفيذ مخططاتها"، داعياً الدول العربية والإسلامية إلى تعزيز صناعاتها العسكرية الدفاعية.