البوابة 24

البوابة 24

أكتوبر المجيد المنعطف الخطير

بقلم عائد زقوت

لا شكّ أن العمليّة العسكريّة النوعيّة التي قامت بها المقاومة الفلسطينية رغمت الغطرسة الإسرائيلية في التراب ، وكسرت الأنفة العسكرية لجيش الاحتلال الصهيوني ، ويدرك الجميع أنها تركت أثرًا نفسيًا على الفلسطينيين والإسرائيليين ، وعلى التداعيات السياسية إقليميًا ودوليًا ، وأن هذه الخطوة غيرت وجهة الشرق الأوسط فعلًا دون حاجة لتصريحات نتنياهو الذي سارع إلى استغلال الوضع في محاولة لإنقاذ نفسه ورؤيته الاستراتيجية المتعلّقة بالقفز على القضيّة الفلسطينية والتنكّر للحقوق السياسية الفلسطينية ، وفي سياق ذلك بادر لإعلان حالة الحرب للمرة الأولى بعد حرب أكتوبر المجيدة 1973، ممّا استدعى تدخّل الغرب الرأسمالي بقيادة أميركا للوقوف بجانب صنيعتها، حيث كان الموقف الأميركي هو الأبرز في الدّعم العسكري والسياسي لاسرائيل، وقد يتخاطر إلى أذهان البعض أن الموقف الأميركي جاء لردّ الاعتبار لجيش الاحتلال، لكنّ هذا التدخل يعطي مؤشرات على التداعيات الاستراتيجيّة المتعلّقة بالشرق الأوسط وخصوصًا ما يتعلق بمصير قطاع غزة و زجّه في أحضان سيناء تنفيذًا للرغبة الصهيونية، وبحركة حماس لجهة إنهاء دورها السياسي أو القبول بها لاعبًا رئيسيًا في الحلّ السياسي وفقًا للرؤية الأميركية للشرق الأوسط الجديد . يعتقد نتنياهو أنّ هذه الحرب ملاذه الأخير لتنفيذ مخططاته العنصريّة الاستيطانية لتوطين الفلسطينيين في سيناء حيث لاحظنا زيادةً ملحوظة في التصريحات الرسمية الإسرائيلية العلنية بهذا الشأن، حيث دعا المتحدث باسم جيش الاحتلال الصهيوني الفارّين من الهجمات الاسرائيلية بالنّزوح إلى سيناء ، وفي هذا الصدد قام الاحتلال بقصف معبر رفح في محاولة منه لمنع وصول المساعدات الإنسانية من مصر لدفع الفلسطينيين عنوة للتوجه إلى سيناء المصرية. لا يجنبنا الصواب حين الحديث عن الدور المصري الاستراتيجي للحفاظ على قوة دفع القضية الفلسطينية ، ووقوفها سدًا مانعًا أمام فكرة توطين الفلسطينيين في خارج فلسطين واعتبارها أنّ مثل هذه الخطوة تعدّ تفريغًا للقضيّة الفلسطينية من محتواها وفي هذا الصدد جاء الرد المصري على إسرائيل ولأول مرة على لسان مسؤولين مصريين رسميين بالرفض القاطع بل والتحذير من الإقدام على مثل هذه الخطوة، مما يشير إلى جدّية الطرح الإسرائيلي. سجل عبور أكتوبر الأول المجيد حالة من التعاضد العربي على كافة المستويات العسكرية والاقتصادية واستغلال كافة الموارد إسنادًا للجيش المصري حتى حقق نصرًا مؤزرًا، ونحن نقف اليوم أمام عبور أكتوبر الثاني الذي غيَّر وجهة الشرق الأوسط مرة أخرى، وهذا يستدعي من القيادة الفلسطينية والدول العربية تعبئة جميع مواردها لسد الفجوة القائمة بين أن السياسات الاسرائيلية هي المسؤولة عن كل ما يحدث، وما بين الموقف الغربي الرأسمالي بقيادة أميركا الذي يعتبر إسرائيل دولة مضطهدة في المنطقة ولها الحق في الدفاع عن نفسها كيفما تشاء ووقتما تشاء، ليرسل العرب مجتمعين رسالة لأميركا والغرب بأن بقاء الاحتلال لم يعد مقبولًا ، ولن يستمر . استطاعت المقاومة الفلسطينية بما حققته من إنجاز في هذا العبور أن تمنح القيادة الفلسطينية والعرب ورقة هامة للتفاوض مع الغرب والأمم المتحدة للوصول إلى حل سياسي يحافظ على الحقوق السياسية في الحرية والاستقلال بعيدًا عن الحلول المرحلية أو القبول بمعادلة ربط المقاومة بالحقوق المدنية والانسانية.

البوابة 24