تابع العالم بشيء من الذهول عرض جيش الاحتلال، الأربعاء المحجوزات المتواضعة، التي عثر عليها داخل مستشفى الشفاء بغزة بعد اقتحامه، بعد حملة إعلامية موسعة لتل أبيب اتهمت فيها حماس بأنها تستغل هذا المجمع الطبي، الأكبر في الأراضي الفلسطينية، كمقر قيادة لعملياتها العسكرية.
ونفت حماس وكذلك إدارة المستشفى مرارا هذه الاتهامات، ودعتا إلى إجراء تحقيق مستقل، كما طلب مدير عام "الشفاء" محمد أبو سليمة علًنا وصول خبراء دوليين ليتأكدوا بشكل مباشر من أن المستشفى لا يشكل قاعدة لتدبير العمليات العسكرية للحركة الإسلامية.
اقتحام مستشفى الشفاء
واقتحم عشرات من أفراد قوات الاحتلال المستشفى فجر الأربعاء، وأمروا الفلسطينيين الذين لجأوا إلى المجمع الطبي هربا من الحرب بالاستسلام.
وعبر طوابير طويلة، خرج أشخاص من أقسام الحروق والولادة والجراحة وغسيل الكلى رافعين أيديهم، وفي أروقة المجمع، كان بعض الجنود يطلقون النار في الهواء عند تنقلهم من غرفة إلى أخرى، وهم يقومون بعمليات بحث وتفتيش دقيقة، فيما تعالت أصوات بكاء نساء وأطفال في الأقسام المختلفة، ومقابل قسم الطوارئ، وضع الجنود بوابة إلكترونية نصبت عليها كاميرات.
على ماذا عثر جيش الاحتلال؟
أعلن جيش الاحتلال أنه عثر على "ذخائر وأسلحة ومعدات عسكرية" تابعة لحماس في هذا المستشفى، ونشر صور أسلحة وقنابل يدوية ومعدات أخرى، قال إنه عثر عليها في المجمع الطبي.
إلا أن وزارة الصحة التابعة لحماس، أكدت أن الجيش الإسرائيلي "لم يعثر على أي عتاد أو سلاح"، موضحة أنها "لا تسمح بالأساس" بوجود أسلحة في المستشفيات التابعة لها.
وتظل هذه الحصيلة حتى الآن غير مقنعة وسط الرأي العام الدولي بالنظر إلى ما أعلنت عنه إسرائيل من قبل في حملتها الإعلامية التي سبقت عملية الاقتحام، بأنه يوجد في أسفل المستشفى مركز قيادة للعمليات العسكرية لحماس، وهو واقع يضع تل أبيب في موقف صعب مع تزايد التنديدات الدولية بالقصف المتواصل واستهداف المستشفيات.
وأشارت تقديرات أممية لوجود 2300 شخص على الأقل داخل المجمع، بينهم مرضى وأفراد طواقم طبية ونازحون، وقبل المعارك التي اندلعت في محيط المستشفى منذ أيام، كان عشرات آلاف قد لجأوا إليه وغيره من المؤسسات الطبية والتربوية، أملا بحماية أنفسهم من القصف المكثف.
"الفجوة" بين الحملة والصور
ولم يجد المتحدث باسم جيش الاحتلال أوليفييه رافوفيتش، كلمات كثيرة للإجابة عن سؤال لصحافي فرنسي على قناة "بي إف إم"، عندما استفسر عن "الفجوة" بين ما أعلنته إسرائيل أثناء حملتها الإعلامية حول مستشفى الشفاء وما عرضه الجيش الإسرائيلي من صور بعد اقتحامه للمجمع الطبي.
وقال رافوفيتش بنوع من التريث: "العملية تمت في موقع واحد من المستشفى. إنه مستشفى كبير. وفي هذا الوقت نواصل تفتيش المكان"، قبل أن يتابع حول إن كان لتل أبيب نية لوضع حد لهذه الحرب: "نعرف أن مسؤولي حماس لايزالون موجودين، يحيى السنوار، محمد ضيف، ونعرف أيضا أن حماس تختبئ...إذن مادام هذا الشر لا يزال موجودا سنواصل الحرب، لأنه لا يمكن أن نكون جيران لغزة بحماس حية".
وبعد خروجهم من مستشفى الشفاء الأربعاء عقب عملية أولى، عاد الجنود الإسرائيليون الخميس إليه مجددا، ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن الجيش الإسرائيلي "أنه ينفذ عملية"، كما أعلنت وزارة الصحة في غزة أن الجيش الإسرائيلي نشر الخميس جرافات في هذا المستشفى، والتي دمرت أجزاء من مدخله الجنوبي.
تبرؤ أمريكي
لم تتأخر الولايات المتحدة، الحليف الأكبر لإسرائيل، في التعليق على العملية، حيث تبرأت منها بوضوح على لسان المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي الذي أكد أن واشنطن "لم تعط الضوء الأخضر للعمليات حول مستشفى الشفاء"، مضيفا: "لقد كنا دائما واضحين للغاية مع شركائنا الإسرائيليين بشأن أهمية تقليل الخسائر في صفوف المدنيين".
وكان كيربي دعم في اليوم السابق حملة إسرائيل الإعلامية بشأن استخدام حماس للمستشفيات في غزة لأغراض عسكرية، بما في ذلك مستشفى الشفاء، وهي تصريحات وصفتها الحركة الفلسطينية بأنها "ضوء أخضر" لإسرائيل "لارتكاب الاحتلال لمزيد من المجازر الوحشية".
وعلى صعيد آخر، تتزايد في إسرائيل الضغوط على نتنياهو وحكومته، وبدأ أقارب الرهائن الثلاثاء مسيرة تستمر خمسة أيام في تل أبيب للمطالبة بالتوصل إلى اتفاق بشأن إطلاق سراحهم.
وتم اختطاف نحو 240 شخصا خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر، وفق السلطات الإسرائيلية. وأعلنت زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي سارة نتنياهو الأربعاء أن رهينة أنجبت مولودا في غزة.