مع استمرار الحرب الإسرائيلية الغاشمة في قطاع غزة، تزداد فرصة تعرض الأطفال بالقطاع إلى الكثير من التغيرات القاسية في حياتهم القادمة، كفقدان الكثير من الآباء والأهل أو بعض أطراف الجسم؛ ما يعني حاجتهم لعملية تأهيل للاعتماد أكثر على النفس.
عواقب نفسية وجسدية
وتزداد المخاوف حول مستقبل هؤلاء الأطفال، فعلاوة على المعايشة اليومية الصعبة لمستجدات الحرب الراهنة منذ 7 أكتوبر الماضي، سيولدان بداخلهم صدمات نفسية عميقة، وفي هذا الإطار يكشف متخصّص في علم النفس الاجتماعي أن العواقب النفسية والجسدية ستكون "طويلة ومعقّدة".
والجدير بالإشارة أن "سليم عويس"، المتحدّث الإقليمي باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف"، سبق وحذر في 14 نوفمبر، من أن أكثر من 50 بالمئة من الأطفال في قطاع غزة بحاجة للرعاية النفسية.
ولفت "عويس"، في تصريحات تلفزيونية، إلى أنه يجب وجود حل فوري لإبعاد هؤلاء الأطفال عن الصدمات النفسية، هو وقف العنف الدائر في القطاع.
ما بعد الصدمة
ومن جانبه، أكد أستاذ علم النفس الاجتماعي،آزاد علي إسماعيل، على أن صدمات الحروب تؤثّر حتى على بعض الجنود المقاتلين، إذًا فتأثيرها على الأطفال أشد.
ويضرب أمثلة لعدة تجارب:
- بعد الحروب، يُصاب جنود بما يسمّى بـ"كرب ما بعد الصدمة" أو "شدة ما بعد الصدمة"، وظهرت بشكل واضح على جنود أميركيين بعد عودتهم من حرب فيتنام.
- مِن المرجح أن يواجه كافة سكان قطاع غزة، رجالا ونساء، كبارا وصغارا، مجموعة من الصدمات النفسية المستمرة والمتتالية وليست صدمة واحدة؛ حيث تمر أمامهم مجموعة من الأحداث في اليوم، على رأسها القصف ورؤية أجساد الموتى، والمصابون، والتعرض أحيانا لبتر أطراف.
- ومن المتوقع أن يكون الأطفال هم الأكثر عرْضة لهذه الصدمات، بحكم أنهم ما زالوا في مرحلة النمو الجسدي والانفعالي والمعرفي، كما تؤكد عدد من الدراسات على أن بعض الأطفال في هذه الظروف تأثَّر نموّهم المعرفي وقدراتهم العقلية، وحتى نمو المخ، بهذه الصدمات.
- وفي حال تعرض الطفل لبتر اي طرف من جسده تُضاف له معاناة أخرى، لأنها تعني مشكلة جسدية دائمة، ومطلوب منه أن يتعايش معها طوال حياته؛ ما يسبّب لبعضهم مشاكل نفسية في الطفولة وعند الكبر.
- وعلى الرغم من هذا لا يعني أن كل شخص يتعرض لظروف الحرب يُصاب بهذه الصدمات.
3 مراحل
ويشار إلى أن التعرّض لهذه الصدمات ليس نهاية الطريق، فتوجد أشكال من العلاج للقضاء على تأثيراتها، أو على الأقل التخفيف منها.
في هذا الصدد، كشف خبير علم النفس الاجتماعي، إن الطفل الذي يتعرّض بشكل خاص لبتر الأطراف، يحتاج إلى عملية معقدة تستغرق وقتا طويلا، قد يصل لـ10 سنوات، تتماشى مع مراحل نموه؛ حتى يصل إلى مرحلة الرشد.
ووفقاً لما ذكره "إسماعيل"، فإن أشكال العلاج خلال هذه المراحل (الطفولة، المراهقة، الرشد)، وهي على النحو التالي:
- عقب تعويض الطفل بأطراف اصطناعية، يحتاج إلى مساعدته على التأقلم مع هذا العضو الجديد.
- وبالإضافة إلى العلاج النفسي، يتطلب الطفل مزيد من الدعم الاجتماعي والأسري، يساعده على القيام بأدواره بشكل طبيعي.
- كما هو الحال بالنسبة إلى الطفل الذي يفقد بعض الأهل والأقارب، يحتاج إلى دعم مَن حوله ليتكيّف، ويتعلّم كيف يواجه مستجدات حياته، وهي عملية تستغرق وقتا طويلا أيضا.