لا تبددوا ورقة الرهائن

نبض الحياة
لا تبددوا ورقة الرهائن
بقلم: عمر حلمي الغول
ملف أسرى الحرب الإسرائيليين أحد الأهداف الأساسية المعلنة لحرب الإبادة الصهيو أميركية على أبناء الشعب العربي الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا، الذي تعمل حكومة الحرب بزعامة نتنياهو على تحقيقه، وهذا ما وعد قادة الدولة العبرية ذوي الاسرى ب"الافراج عن أبنائهم". بغض النظر عن استنتاج وانطباع عدد من الصحفيين الأجانب، الذين التقوا مسؤولين عسكريين وسياسيين إسرائيليين، مفاده ان إسرائيل تخلت عن أسرى الحرب في غزة، ولن يعودوا من هناك احياء، كما فعلوا يوم الجمعة الموافق 15 ديسمبر الماضي بقتل ثلاثة من اسراهم، رغم انهم عرفوا عن أنفسهم ورفعوا الراية البيضاء، وفق صحيفة "يديعوت احرونوت" أمس الاثنين 25 ديسمبر.
ويقوم الوسطاء العرب وخاصة مصر وقطر بمحاولات حثيثة للوصول الى حلول جزئية، هي اقرب للرؤىة الإسرائيلية الأميركية، ونقلا عن ما ذكره ماهر الطاهر، العضو القيادي في الشعبية على احد الفضائيات، فإن حكومة الحرب أرسلت مشروع اقتراح بهذا الشأن للدوحة مفاده: أولا تهدئة لمدة أسبوعين، ممكن زيادتها لاسبوع أو أسبوعين؛ ثانيا تبادل الاسرى المدنيين والاسيرات المجندات الاسرائيليات، مقابل الافراج عن 140 اسيرا فلسطينيا؛ ثالثا الانسحاب من المدن الفلسطينية، لكن مع بقاء حاجز إسرائيلي في وادي غزة، وحزام امني إسرائيلي في شمال القطاع؛ رابعا السماح بإدخال المساعدات الإنسانية بكميات كبيرة، لم يحدد كمياتها ولا عدد الشاحنات ولا نوعيتها؛ خامسا عودة السكان الفلسطينيين النازحين الى مدنهم ومساكنهم المدمرة في غزة والشمال، والسماح بإقامة الخيام لهم؛ سادسا الافراج عن اسرى أساسيين مثل القائدين احمد سعدات، أمين عام الشعبية ومروان البرغوثي، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح؛ سابعا المرحلة الثانية يبدأ التفاوض على الاسرى جميعا والانسحاب من القطاع؛ ثامنا أصر الجانب الإسرائيلي على عدم وقف الحرب لحين تحقيق أهدافه السياسية والأمنية المتعلقة بترتيبات اليوم التالي، ونزع أظافر اذرع المقاومة واغتيال قادة تلك الفصائل.
وفي السياق ذاته، اقترحت جمهورية مصر العربية على وفدي حركتي حماس والجهاد الإسلامي، اللذين المتواجدين في القاهرة لهذه الغاية التالي: المرحلة الأولى، بدء هدنة إنسانية لمدة أسبوعين قابلة للتمديد لاسبوعين او ثلاثة تطلق خلالها حماس والجهاد والفصائل الفلسطينية الأخرى سراح 40 اسيرا إسرائيليا من فئتي النساء والأطفال دون سن ال18 عاما، والذكور من كبار السن وخصوصا المرضى. في المقابل تطلق إسرائيل سراح 120 أسيرا فلسطينيا من نفس الفئتين، وسيتم خلالها وقف الاعمال القتالية، ولم يذكر المقترح توصيفا لحرب الإبادة الصهيو أميركية، وتراجع الدبابات الإسرائيلية، دون تحديد مساحة التراجع، وتدفق المساعدات الغذائية والطبية والوقود وغاز الطهي.
المرحلة الثانية إقامة حوار فلسطيني برعاية مصرية بهدف انهاء الانقسام، وتشكيل حكومة تكنوقراط (مستقلين) تتولى الاشراف على قضايا الإغاثة الإنسانية، وملف إعادة الاعمار لقطاع غزة، والتمهيد لاجراء انتخابات عامة ورئاسية فلسطينية. والمرحلة الثالثة، وقف كلي وشامل لاطلاق النار، وصفقة شاملة لتبادل الاسرى تشمل كافة العسكريين الإسرائيليين لدى فصائل المقاومة، يتم خلالها الاتفاق على الافراج عن عدد غير محدد من الاسرى الفلسطينيين، الذين ستطلق إسرائيل سراحهم بما يشمل ذوي المحكوميات العالية، الذين اعتقلتهم إسرائيل بعد السابع من أكتوبر الماضي، ولم يشر الاقتراح لاصحاب المحكوميات العالية قبل السابع من أكتوبر. وتتضمن هذه المرحلة انسحاب إسرائيلي من مدن قطاع غزة، وتمكين النازحين من العودة الى مدنهم ومخيماتهم في غزة وشمال غزة.
وحسب المعلومات الراشحة عن الوفود الفلسطينية المشاركة في المفاوضات مع الوسطاء العرب، انهم متمسكون بمبدأ "الكل مقابل الكل" في عملية تبادل الاسرى، ووقف الحرب فورا والانسحاب الكامل من قطاع غزة، وعلى أهمية ما طرحوه، الا انهم لم يطلبوا من منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني الاشراف على تلك المفاوضات، وأيضا لم تضغط الدول الشقيقة على هذا الجانب أسوة بما حصل في حرب عام 2014. وبغض النظر عن هذه النقطة على أهميتها وضرورتها، الا ان الموقف الذي طرحوه يعتبر صحيحا واساسيا. لانه لا يجوز العودة الى دائرة تجزئة الحل، ودوامة استمرار حرب الإبادة على أبناء الشعب في محافظات الجنوب، كون المقترحات المطروحة لا تفي بالهدف الأساس المنشود فلسطينيا، وهو وقف الحرب فورا دون قيد او شرط، ويسمح لإسرائيل وأميركا مواصلة حرب الأرض المحروقة. كما ان المقترحين لا ينسجمان ولا يتماثلان مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، الذي طالب بوقف الحرب فورا، والذي صوتت عليه ذات الدول الى جانب الدول 154 خلال الأسبوعين الماضيين.
وعليه لا يجوز تبديد ورقة الاسرى الإسرائيليين في حلول جزئية، لا تحمل اية ضمانات دولية لوقف الحرب، ولا لتأمين الحماية الدولية للمواطنين الفلسطينيين، ولا حتى تتضمن اليات واضحة لاتمام الانسحاب الصهيو أميركي من البر والبحر ولا وقفا لعمليات القصف الجوي على المدنيين العزل من الفلسطينيين، الذين دفعوا حتى اليوم 81 من حرب الإبادة 21 الفا من الشهداء، وقرابة ال55 الفا من الجرحى، فضلا عن التدمير الهائل لمدن وبلدات ومخيمات قطاع غزة.
[email protected]
[email protected]

البوابة 24