البوابة 24

البوابة 24

جزيرة الدحدوح

v1fts.jpg
v1fts.jpg

بقلم: ميسون كحيل

ما من شك ان الشعب الفلسطيني على مدى العمر كله الذي لا نزال نعيشه لم تبتعد عنه قصص وحكايات المعاناة، ولا شك ان اهالي قطاع غزة شكلوا حالة خاصة من المعاناة المزدوجة فكل مواطن في القطاع له حكاية منفردة من هذه المعاناة، والحرب لم تستثني احد وإن اختلفت الدرجات وانواع مختلفة من هذه المعاناة فتجد طفلة فقدت عائلتها جميعها واصبحت يتيمة ، وتجد أم فقدت أبناءها ، وتجد أب عاد الى نقطة الصفر لا بيت ولا أهل ولا عائلة كان مؤسسها وكثيرة هنا حكايات القهر والإضطهاد لا يتسع الكون لذكرها.

وائل الدحدوح الصحفي المواطن ممن عاشوا هذه المرحلة وشكل حالة منفردة من المعاناة الصامتة والتضحية المعلنة فقد كان يطل كل يوم على مشاهدين قناة الجزيرة واصبح جزء هام من رحلة الصبر ومن مرحلة الصمود ومن معاناة الشعب التي لا تريد ان تنتهي، لكنه كان نموذج فريد ايضا في عرض شكل من اشكال المعاناة فقد تلقى خبر تعرض عائلته للقصف المباشر في اللحظة التي كان يتواجد بها بين و مع المشاهدين وهو ينقل لهم صورة وحدث ومعاناة في مكان أخر فأضطر الى الإستئذان ليتابع الحدث الذي طال زوجته واحد ابناءه واحدى بناته وحفيد وتكللهم بالشهادة. واستكمل واجبه تجاههم لكنه سرعان ما عاد لإستكمال واجبه تجاه المشاهدين وتجاه وطنه وأهله لنقل الصورة والاحداث التي تتلاحق و تتسابق في عرض المعاناة. واستمر في الظهور وأداء العمل والواجب رغم حجم الألم الذي يعتصر قلبه!

لقد اعطى وائل الدحدوح صورة تنطق و مثال يؤكد لكل المتابعين ان عائلته إنما هي جزء من هذا الشعب ولا تتميز عنه بشيء و واصل العمل حتى جاءته الضربة الثانية و هو يقوم بعمله بإستهدافه و زميله سامر أبو دقة الذي استشهد بينما اصيب وائل ونقل للعلاج من اصابته، وسرعان ايضا ما طل على المشاهدين مجددا و واصل العمل دون ان يفكر للحظة ان يختبأ أو يعتكف. أما الضربة الثالثة فكانت ايضا قاسية و كأنها تريد ان تختزل غزة برجل، و هذه الضربة استهدفت الصحفي حمزة الإبن البكر لوائل الدحدوح و في رسالة من الإحتلال هي الإستمرار في ملاحقة وائل وكل ما يتعلق به.
في الحقيقة كان وائل أحد الصحفيين ممن أعطوا مثالا في التضحية والوفاء للواجب مهما كان نوعه، و صورة مشرقة للإنسان الفلسطيني و دوره في مقاومة الإحتلال. و وائل بشكل خاص استطاع في لحظة من اللحظات و ساعة من الساعات و يوما من الأيام ان يحول قطاع غزة بطريقة خاصة إلى جزيرة الدحدوح.  

كاتم الصوت: كل مواطن في غزة له حكاية تشبه حكاية وائل

كلام في سرك: الضفة ايضا تتعرض و أهلها للإبادة بطريقة اخرى ولكن!!

رسالة: في يوم من الأيام سيذكر التاريخ ان حرب الإبادة في قطاع غزة قد فتحت الطريق لوحدة الصف و تكاتف الجميع واعلان الدولة الفلسطينية واستقلالها. فهل سيحدث ذلك أم سيذكر ان هناك من لم يستغل فتح الطريق. احتفظ بالأسماء

البوابة 24