البوابة 24

البوابة 24

تفاصيل جريمة مروعة نفذها الاحتلال بحق الشهيدة نايفة السودة

الشهيدة نايفة السودة
الشهيدة نايفة السودة

بينما اعتاد العالم مشاهد القتل والجرائم المروّعة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في حربّه الوحشية ضد غزة، لا تزال آلاف الحكايات المؤلمة في القطاع مدفونة مع رفات أصحابها تحت الركام، لا يعرف الإعلام عنها شيء، ولم يدرِ عنها أحد.

ماذا يعني أن تمنح إنسانًا "الأمان" ثم تقتله حرقًا؟ وكأن أوجه الموت المختلفة التي خَبرها الغزيين في أتون الحرب المتواصلة منذ سبعة شهور، لم تُشفِ غليل جيش الاحتلال المسعور وحقده الدفين، فهذه الحاجة المسنّة نايفة رزق السودة (النواتي) تبلغ من العمر ٩٤ عامًا، يقصّ حفيدها جريمة بشعة ارتُكبت بحقها، خلال حصار مجمع الشفاء الطبي ومحيطه في مارس الفائت.

الحاجة الشهيدة "نايفة" التي كانت تُعاني من مرض الزهايمر، ولا تقوى على المشي أو الكلام، نزحت أكثر من مرة داخل مدينة غزة خلال الحرب، إلى أن عادت إلى منزلها الكائن بالقرب من مستشفى الشفاء غرب غزة، وهناك عَلقت مع الهجوم الأخير على المستشفى الذي بدأ فجر يوم 18 مارس، وانتهى بعد 10 أيام؛ مخلفًا مئات الشهداء والمفقودين، عدا عن دمارٍ هائل وصادم في المكان ومحيطه.

bA7it.jpg
 

يقول حفيدها إسلام مضر النواتي، إنّ جيش الاحتلال حاصر وأحرق وقصف كل الأماكن المحيطة بمجمع الشفاء الطبي وارتكب أبشع الجرائم بحق سكانها، ومن بينها منزل العائلة الكبير الذي يقع في بناية مكوّنة من 24 شقة سكنية، ويسكنها نحو 70 شخصًا.

ويُضيف أنّ الاحتلال هاجم البناية بالكامل بعد 4 أيام من اقتحام الشفاء (21 مارس) واعتقلوا الرجال واستجوبوهم، وأجبروا تحت تهديد السلاح، النساء والأطفال على مغادرة منازلهم باتجاه شرق وجنوب القطاع، باستثناء الحاجة "نايفة" التي طلبوا منهم أن يتركوها في شقتها، وستكون في "أمان" وسيعتنون بها.

احتجت زوجة ابنها التي كانت ترافقها منذ أول يوم في الحرب، وسألتهم ماذا عن "حماتي؟ إنها امرأة مسنة تحتاج للعناية في كل وقت ولا يمكن تركها وحيدة"، فادعى أحد الجنود أنها ستكون "آمنة"، وأن الجميع عليهم المغادرة فورًا.

ويشير حفيدها إلى أنّ جدتهم الشهيدة تُركت في المنزل وحدها بحالة رعب وذعر من الجنود المدججين بالعتاد العسكري، وأصوات الانفجارات التي لم تتوقف حولها.

ومنذ اللحظات الأولى لاختفاء آثارها، خشيت العائلة أن يستخدمها الاحتلال كدروعٍ بشرية، وعلى إثره تواصلت مع مؤسسات دولية وحقوقية تحديدًا الصليب الأحمر لمعرفة مصير والدتهم، لكن الإجابة كانت أنه "ليس لديهم غرف اتصال مع الجيش خاصة في مناطق شمال القطاع".

حرقوها وهي حيّة..

في اليوم الذي انسحب جيش الاحتلال من مستشفى الشفاء ومحيطه، ذهب أحد أبناء الحاجة "نايفة" لتفقدها في كل مكان هنا وهناك، ومعرفة مصيرها، لكنه وجد البناية محروقة بالكامل، ولا أثر لها.

 

nGpok.jpg
 

يُتابع: "لم نتوقف عن البحث يومًا بعد آخر، حتى جاء اتصال لعمي يُخبره بأن الجيش لم يُخرج والدته من الشقة (..) فورًا ذهب إلى الشقة وتفقد كل شبرٍ فيها، وبعد محاولات مضنية تمكّن من التعرف على بقايا عظامها، حيث تُركت على سريرها وأشعلوا النار في جميع أنحاء المبنى".

"حرقوها وهي على قيد الحياة، هل هذا هو الأمان الذي تحدثوا عنه للعائلة؟"، يتساءل حفيدها "إسلام" بحسرةٍ، مستطردًا: "هذه الجريمة البشعة ارتكبت بينما يشاهد العالم أشلاء الأطفال والنساء كروتين يومي، وصرنا أرقامًا تعد، وفاتورة مفتوحة لا تتوقف".

وفي حصيلة غير نهائية، أعلنت وزارة الصحة ارتفاع حصيلة الشهداء في قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضي، إلى 33 ألفًا و634 شهيدًا، أغلبيتهم من النساء والأطفال، وعدد المصابين إلى و76 ألف 214.

سند