أصدرت محكمة إسرائيلية، صباح الجمعة، قرارًا مثيرًا للجدل يقضي بوضع المدعية العسكرية العامة يفعات تومر يروشالمي تحت الإقامة الجبرية لمدة عشرة أيام، في قضية كشفت انقسامًا حادًا داخل المنظومة العسكرية والقضائية في إسرائيل، وجاء القرار استجابة لطلب الشرطة التي طالبت بإطلاق سراحها المشروط مع فرض قيود صارمة عليها، أبرزها منع التواصل مع أي شخص متورط في القضية لمدة 55 يومًا.
اتهامات خطيرة
تفجرت القضية عندما وجهت اتهامات مباشرة ليروشالمي بالتورط في تسريب ملفات حساسة تتعلق بانتهاكات جسيمة ارتكبها جنود إسرائيليون بحق أسرى فلسطينيين، سواء داخل سجن "سدي تيمان" سيئ السمعة أو في مواقع احتجاز أخرى، وبدأ الجدل بالتصاعد بعد انتشار لقطات تُظهر جنودًا يعتدون بعنف على أحد الأسرى، مما دفع الجيش للإعلان عن فتح تحقيق جنائي رسمي.
فجرت استقالة يروشالمي النقاش العام داخل إسرائيل، خصوصًا بعد وصف مسؤولين حكوميين أفعالها بأنها "جريمة ضد الدولة والجيش"، بينما اعتبر آخرون أنها دفعت ثمن كشف حقائق كانت المؤسسة العسكرية تحاول إخفاءها عن الرأي العام.
فيديو مسرب يهز الداخل الإسرائيلي
الفيديو الذي نشره موقع N12 الإسرائيلي في السادس من أغسطس 2024 كان الشرارة الأولى، وكشف المقطع اعتداءًا وحشيًا على أسير فلسطيني بالتزامن مع حالة فوضى شهدها معسكر سدي تيمان بعدما اقتحمته مجموعات من اليمين المتطرف، بينهم وزراء وأعضاء في الكنيست، في محاولة للضغط على الجيش ومنع محاسبة الجنود المتهمين.
انتشار الفيديو أثار موجة غضب محلي ودولي، وفتح الباب أمام انتقادات واسعة لأسلوب تعامل الجيش مع الأسرى، كما وضع المؤسسة العسكرية تحت مجهر المنظمات الحقوقية.
يروشالمي تدافع
في ردودها الأخيرة قبل وضعها تحت الإقامة الجبرية، أكدت يروشالمي أنها تتحمّل المسؤولية الكاملة عن نشر المواد التي فضحت الانتهاكات، معتبرة أن الهدف كان مواجهة "الدعاية الكاذبة" الصادرة عن مسؤولين في الجيش.
وقالت إن الادعاء العسكري تعرض طوال فترة الحرب على غزة لحملة تشويه منظمة، وإن التحقيق في شبهات العنف يجب أن يكون إلزاميًا "حتى لو كان الضحية أسوأ المعتقلين"، في إشارة إلى رفضها تبرير الانتهاكات بذريعة الأمن.
سدي تيمان
يعد معسكر "سدي تيمان" من أكثر مواقع الاحتجاز إثارة للجدل داخل إسرائيل، حيث يتم فيه احتجاز مقاتلين من حركة حماس شاركوا في عملية السابع من أكتوبر 2023، إضافة إلى معتقلين فلسطينيين آخرين، وسبق أن طرحت أسئلة عديدة حول ظروف الاحتجاز والانتهاكات المحتملة داخل المعسكر، لكن تسريب الفيديو الأخير نقل القضية من نطاق الروايات إلى أدلة مصوّرة يصعب تجاهلها.
