الجبهة الديمقراطية تتوج غزة في مؤتمرها الثامن

بقلم حمزة حماد

مسؤول التجمع الإعلامي الديمقراطي وعضو نقابة الصحفيين الفلسطينيين

ليس بجديد على حزب كالجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين أن ينتصر في عقد مؤتمره الوطني الثامن وسط تحديات كبرى تواجهها الحالة الوطنية الفلسطينية، لا سيما العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ أكثر من 200 يوم على التوالي، كيف لا وقد توجت العملية الديمقراطية تحت شعار "طوفان الأحرار".

ان إعلان الجبهة نتائج مؤتمرها الثامن وسط حضور رسمي ووطني وأهلي ونقابي يبعث برسائل هامة على كافة الصعد، ويعكس تمسكها بالعملية الديمقراطية رغم التحديات التي واجهتها باعتبارها ضمانة وطنية تستطيع أن تقاتل من خلالها، وتعزز من الأداء الوطني سواء سياسيا أو عسكريا أو نقابيا أو اجتماعيا أو ثقافيا، وهذا ما تؤكده التوجهات الجديدة التي خطها المؤتمر لإنقاذ مشروعنا الوطني الذي كان للجبهة الدور البارز في الدفاع عنه تحت مظلة (م.ت.ف)، لذلك تبقى رؤية الجبهة السياسية ثابتة ومستمدة من برنامجها المرحلي على قاعدة الحل الاستراتيجي. 

لا أريد الخوض في مسألة العملية المؤتمرية كوني كنت أحد المشاركين فيها، فالانتظام من قبل الهيئات كان ملفتا وأخذ اهتماما كبيرا، وهذا يعكس حرص رفاق الجبهة على نهوض الحالة الحزبية وأن يبقى الحزب طليعيا ومتقدما كعادته في مواجهة المخاطر والتحديات الراهنة، علما أن العملية المؤتمرية امتدت لعام كامل.

هذا يعني أن الجبهة أمام مسؤولية وطنية كبيرة في الدفاع عن مصالح شعبنا، والرهان عليها بات أمرا عظيما باعتبارها صاحبة المشهد الوحدوي في كل المحطات النضالية لشعبنا، محافظةً على صون الكيانية الوطنية أمام العالم، وتصدت لمحاولات اختراقها.

عزز المؤتمر نداءه الوطني المتجدد في دعم صمود شعبنا عبر أشكال نضالية اثبتت نجاعتها على مدار السنوات الماضية، بل ساهمت في رسم طريق جديد للنضال الوطني، وهذا بات واضحا سواء بالفعل الشعبي أو المسلح أو الرسمي وغيره من الأدوات التي كفلها العالم بأحقية شعبنا في الدفاع عن نفسه، لكن المؤسف أن نتحدث عن غياب أمرين بحاجة إلى إرادة وطنية جادة لتحقيق حلم شعبنا في حريته وعودته وتقرير مصيره، وهما استعادة الوحدة الداخلية على قاعدة البرنامج الوطني المشترك ووفقا لقرارات المجلسين الوطني والمركزي، وتوفير شروط مواصلة المقاومة بكل أشكالها.

كما اعتبرت الجبهة التي شارك في مؤتمرها 494 مندوبا وبمشاركة الأقاليم كافة، أن استحقاق الإصلاح الديمقراطي هو ضرورة مُلحة، وأن يبنى على أسس ديمقراطية كفاحية، واستعادة الوحدة الداخلية للمؤسسات الوطنية الجامعة في إطار م.ت.ف على أسس ديمقراطية بالانتخابات العامة وفق نظام التمثيل النسبي الكامل مع اللجوء إلى حلول توافقية.

وتعتمد الجبهة الديمقراطية كفصيل مقاوم، وجناحها العسكري قوات الشهيد عمر القاسم مُنخرط في ميدان المواجهة في قطاع غزة، أن يكون نضالها في أية بقعة من الأرض الفلسطينية المحتلة يشمل 3 أعمدة: "م.ت.ف الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، والبرنامج الوطني الحرية والعودة وتقرير المصير، وأن قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة الضامنة لحقوق شعبنا الغير قابلة للتصرف". فرغم الظروف القاهرة التي يمر شعبنا سواء بالضفة أو غزة استطاعت الجبهة عقد مؤتمرها، وأن تستجيب لاستحقاقاته وتحدياته التنظيمية والسياسية والإدارية والأمنية المختلفة، وفي مقدمتها أحداث السابع من أكتوبر الماضي وتداعياتها المتواصلة.

وبالعودة لتفاصيل المؤتمر الوطني الثامن، نجد أن نسبة التجديد في عضوية اللجنة المركزية قد بلغت 25%، وفي المكتب السياسي 11%، وهذا يعد تقدما ملموسا، واستجابة لنداء هيئات الحزب التي كسبت الرهان وانتصرت على واقع الحالة الوطنية المزري، واثر سلبا على الحياة الحزبية نتيجة الانقسام الأسود الذي أفسد الحياة العامة لمكونات شعبنا، وبالطبع ستخدم هذه النسب في توسع هيئاتها القيادية وتشبيبها.

أعتقد أن منح الأمانة ليس سهلا، وليست رغبة، فالجبهة حزبا يساريا يبحث عن هموم الشعب وينخرط في صفوف الجماهير أمام القضايا الصعبة والماثلة أمامه، ولهذا تجلت الصفات المناسبة في انتخاب الرفيق فهد سليمان امينا عاما للجبهة، والقائد الوطني الكبير نايف حواتمة رئيسا لها وباجماع اللجنة المركزية وفاءً وتقديرا لتاريخه النضالي والكفاحي.

الحقيقة أننا بحاجة إلى إصلاح وطني شامل، والإيمان الراسخ بأن المقاومة بأشكالها المختلفة هي السبيل الوحيد لدحر الاحتلال، وإعادة بناء الحالة الوطنية على أسس الشراكة تحت مظلة (م.ت.ف)، وهذا يمكنا من رسم إستراتيجية وطنية بديلة تحمي حقوق شعبنا من الضياع، وتضمن بقاء القضية الوطنية حاضرة على طاولة العالم خاصة وأننا نشهد حرب الإبادة الجماعية في قطاع غزة التي كشفت الستار عن وهم المجتمع الدولي، ومدى أهمية التجسيد الفعلي لوحدة النضال في ساحات الوطن.

هنيئا لرفاق الجبهة الديمقراطية على هذا الفوز ومزيدا من العطاء والعمل الدؤوب.

البوابة 24