حق انتقاد المقاومة

بقلم: ميسون كحيل

هناك فرق شاسع بين النقد الموضوعي الصادق البناء والنقد الجائر الذي يستند الى نيات غير صادقة وتسجيل مواقف خارج نطاق الموضوعية. فمنذ السابع من أكتوبر 2023 وبدء الهجوم الصهيوني على قطاع غزة اختلفت الرؤى بين ناقد ومؤيد للمقاومة. و ذهب الأمر إلى ابعد من ذلك بحيث تم توجيه الإتهامات التي وصلت إلى حد الإتهام بالعمالة أو على اقل تقدير الوقوف مع العدو ضد المقاومة. ويبقى بأن هناك أمور و قرارات تخص الكل الفلسطيني ولا يجوز لأي طرف كان التحكم والسيطرة على القرارات الفاصلة والهامة؛ سواء كانت سياسية او اقتصادية او عسكرية خاصة في غياب صوت الشعب وصوت العقل.و عند الحديث عن الجهد العسكري أو المقاومة فمن هو المسموح له أن يقرر ساعة الصفر؟ ومن الذي يحدد البدء في العمل العسكري؟ وهل وضع صاحب القرار التفوق العسكري لدولة الإحتلال وجيشه بالحسبان؟ و تقدير حجم الخسائر المتوقعة بشرياً و مادياً. وهل فكر كيف يمكن ان يمنح الاحتلال فرصة تحويل الصراع  وخلط الأوراق وخلق مساحات للتهرب من اي التزامات أو اتفاقات و في استغلال استبدال اسم المقاومة بالإرهاب.

بالتأكيد إن المقاومة ضد الاحتلال حق مشروع وواجب لكن كيف يمكن ان يكون شكل هذه المقاومة دون تخطيط وتوفير سبل ديمومتها وضمان سلامة المواطنين؟ كيف يمكن ان تكون المقاومة في ظل تراجع الرؤية والقناعة العربية في المقاومة؟ كيف يمكن ان تكون المقاومة في ظل عدم وجود عمق استراتيجي و دعم كاف لها؟ إذن فإن اتخاذ قرار الحرب سيكون خاطئاً بشكل كبير دون توفر الحد الأدنى من متطلبات المقاومة. والقرار يجب ان يكون قرارا جماعيا مع الأخذ بالاعتبار الظروف والتوقيت و شمولية المسؤولية وليس بمنح بعض الفلسطينيين أو العرب الإعفاء عن واجبهم ومسؤولياتهم. وهنا لا نتهم المقاومة ولا نوجه اصبع الإتهام الى حركة حماس لأنها تقاوم وعلى العكس تماما، وفي نفس الوقت فلا بد من تحميلها مسؤولية الحالة الفلسطينية في ما وصلت إليه بسبب سلوكيات سابقة ولاحقة بدءًا من الإنقسام الى الحرب على غزة و في منح الاحتلال تنفيذ مشروع الإبادة بحجة عملية السابع من اكتوبر2023 وإيجاد المبررات الكاذبة في تحويل الاحتلال الى ضحية وتبرئة المشروع الصهيوني! مع الإدراك ان الاحتلال لا يحتاج الى ذرائع ولكن لماذا نساعد في توفير هذه الذرائع؟

لقد دفع الشعب الفلسطيني وأهلنا في قطاع غزة تحديدا ثمنا باهظا،  كما ان خسارة المقاومة مهما اختلفت وجهات النظر خسارة للشعب الفلسطيني كله، والقضية الفلسطينية بشكل خاص. وحركة حماس بمقاتليها ومؤيديها جزءا من الشعب الفلسطيني و كان يجب عليها ان تكون جزءا من النظام السياسي الفلسطيني المتمثل بمنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الوطنية الفلسطينية منذ زمن و قبل فوات الأوان وقد فات!  وحيث ما كان يمكن ان يحدث كل ما حدث لو فعلت.
لم نخصص الإنتقاد لأحد او حزب او جهة إنما من واقع الحال. وننتقد الان كما انتقدنا المقاومة في الضفة في فترة سابقة و في سنوات مرت وتحديدا في عام 2000 بعد دخول ارئيل شارون باحة مسجد الاقصى واندلاع الإنتفاضة الثانية. فإن المقاومة حينها ايضا لم تُقيم المعطيات و التفوق العسكري لدولة الاحتلال، فكانت النتائج  تدمير البنية التحتية الفلسطينية بشكل كبير و تدمير ممتلكات المواطنين وتوفير الفرص لقيام الاحتلال بتنفيذ عدد من الاغتيالات والاعتقالات التي طالت قيادات من الصف الأول على رأسهم الشهيد ياسر عرفات. لذلك فمن حق اي مواطن انتقاد المقاومة عندما لا تضع بالحسبان عوامل صمودها واستمرارها و عندما لا تستطيع توفير الأمن والسلامة للمواطنين وعندما تقرر دون دراسة لتداعيات اعمالها. 
النقد ليس جريمة بل الجريمة ان تخرج غزة وأهلها بعد هذه الحرب القذرة بدون غزة وبدون مقاومة و بدون مستشفيات و بدون مدارس و بدون مقومات لاستمرار الحياة وفي عودة الاحتلال و استمرار للحصار  ما يؤكد هنا حق إنتقاد المقاومة.


كاتم الصوت: الحرب مستمرة فلم يكن نتنياهو الا مخططا لها منذ سنوات كما الإنقسام.

كلام في سرك: وكأن غزة لها موعد آخر مع انقسام بثوب آخر

رسالة: السلطة الفلسطينية وحدها التي يجب ان تستلم قطاع غزة والجميع مطالب بدعم وتأكيد ذلك. اللي عكس التيار سيكون أداة بيد الاحتلال وجزء منه هذا الكلام موجه للجميع واحتفظ بالأسماء.

البوابة 24