الكيل بمكيالين!

بقلم: ميسون كحيل

كتب الأستاذ والمناضل ماجد كيالي مقالاً في مجلة المجلة لاقى اهتماماً مميزاً؛ و في نفس الوقت غضباً غريباً من البعض وآخرون طالبوه بطرح البدائل، و كأن المشكلة لديهم ليست في ارتكاب الأخطاء بل في الإستمرار فيها مع طرح البدائل!

ولم يخطر على بال الكاتب أن المتلقين في غالبيتهم ومهما قرأوا فلا يتحرك في ذهنهم أدنى قناعة لا تتوافق مع أفكارهم المخزنة وهذه هي مشكلتنا حيث يكون الشخص مبرمج وتابع لموقف معين حسب الجهة التي ينتمي أو يتبع لها ولا يبدل ولا يغير، ويشبه تمامًا كثير من القيادات التي إن اختلفت معها فإنهم يقدمون لك تصريح الجلوس في البيت أو السفر إلى المريخ.


الدعوة التي تقريباً وجهها الكاتب إلى قيادة حماس بضرورة مراجعة خياراتها السياسية والكفاحية والإبتعاد عن المبالغة في القدرات الذاتية و أوهام وحدة الساحات والتعويل على النظام في إيران أرى انها جاءت متأخرة وإن أغضبت الكثير من القراء والمتابعين احتجاجاً على هذه الدعوة. كما أرى أن أوهام الكثيرين في مبالغة أخرى أشرت اليها وهي دقيقة لكن هناك من لا يريد أن يستوعبها وباصرار لا يريد ان يصدقها وهي في الخلافات المضحكة والشكلية والتكتيكية كما أشار الكاتب بين نتنياهو والمعارضة في دولة الاحتلال.


في نفس الوقت سبق أنني أشرت في احدى المقالات أن المعاناة الحقيقية والمشاكل الكبيرة التي ستتعرض لها غزة وأهالي غزة وشكل النظام والقانون والسيطرة ستبدأ مع نهاية الحرب بما يخص سير الحياة في القطاع وفي حصار مستمر عليها وتثبيت السيطرة الإسرائيلية على مفاصل الحياة. وقد أشار الكاتب بطريقة أو أخرى لذلك لكن الغضب استمر على ما يطرح!


حقيقة أن كثير من الجماهير لم تستوعب ردود الأفعال على عملية (طوفان الأقصى) و استمرت الأوهام والمراهنات الخاطئة على فكرة وحدة الساحات والدور المتوقع من النظام الإيراني رغم أن هذا الأخير قد أبلغ قيادة حماس من البداية انه لن يدخل الحرب. فتوجهت قيادة حماس إلى حزب الله بطلب الدعم والاسناد للتخفيف على ما يتعرض له قطاع غزة. وهنا وعد حزب الله أن يكون مسانداً لا مشاركاً وبما تسمح له الظروف حتى لا يمنح الحجة لإسرائيل في خوض حرب مفتوحة ضد لبنان.
المشكلة أن قيادة حماس مقتنعة بتحالفاتها مع أطراف أيضا تتبع للنظام الإيراني وتعتقد و تتوهم ان هذه الأطراف يمكن أن تدخل الحرب في لحظة ما من الحرب دون ادراك أن هذه المشاركة يقررها النظام الإيراني الذي يريد الاحتفاظ بهذه الأطراف لصالح قضاياه ولا تهمه فلسطين.

والمؤسف له أن قيادة حماس أصرت على مواصلة عدم التعامل او التنسيق مع السلطة الفلسطينية والسير في فلك الاحتلال بطريقة غير مباشرة والرافضة لمنح السلطة أي دور رغم أن الظروف في فترات كثيرة من الحرب كانت متاحة وكان يمكن أن تكون السلطة جسراً للعبور.


ما قدمه الكاتب أخيراً من ملاحظات برسم قيادة حماس للتعاطي مع الواقع ومع استحقاقات حرب الابادة ضد غزة خاصة والشعب الفلسطيني عموما أعتقد انها متأخرة جداً كما هي الدعوة من البداية في مراجعة حماس لخياراتها حيث لم يتبق من هذه الخيارات شيئاً وحلم بقاء القطاع تحت حكمهم أيضا أصبح صعباً إلا في حالة واحدة ستتكشف في حينه! أما المراجعة الفعلية والعملية التي يجب التركيز عليها فهي التي تخص النظام السياسي الفلسطيني كله بتكاتف وتلاحم الكل الفلسطيني يساراً ويميناً و قوى وطنية واسلامية و بقرار يؤكد الإستقلالية الفلسطينية بعيداً عن المحاور و بعمق عربي يحتاج أيضا إلى إعادة ترتيب البيت العربي في نظرته الجديدة وكيفية معالجة الأفكار المريضة باقامة العلاقات مع الاحتلال والتطبيع.


والحل هنا مطروح لمن طالب الكاتب بالحلول واستعجلوا في اعلان غضبهم عليه. وهو مع كل الاحترام قد غاب عن ذهنه أن المتلقين كغيرهم ممن يرغبون الكيل بمكيالين.


كاتم الصوت: اطالة الحرب لا تنتج إلا مزيداً من الشهداء ومزيداً من الجرحى. على السلطة محاولة استلام زمام الأمور وعلى حماس الصمت.

كلام في سرك: الموقف العربي القادم في شكل النظام السياسي الفلسطيني جدا هام، ذلك أن اختلاف الرؤى والدعم والاحتواء يضعف الموقف الفلسطيني العام. إن ترتيب البيت الفلسطيني يمكن أن يغلق الطريق على دول عربية في دعم اطراف فلسطينية لخلط الأوراق.

رسالة: دول تريد حماس، و دول تريد السلطة ودول لا تريد لا سلطة و لا حماس. أغلقوا الأبواب إذا كانت فلسطين هي الهدف. أحتفظ بالأسماء.

البوابة 24