حكاية مع الخيمة والنزوح

بقلم كمال الرواغ 

اكيد حكاية الخيمة جميعنا يعرفها تجربه لاتوصف ولا تطاق، فهي بارده جدا شتاءآ، ولولا رحمة الله لأقلعت الخيمه مع العواصف والمياه الجارفه بدون عوده، اما صيفآ فأنت تعاني من درجة حرارة مزدوجه، تنمو جنبك النباتات، في سباق مع عمرك وشعرك وجسمك  وكانك في مرحة اختبار نمو  في حمام زراعي  للبشر والنباتات .
اما حكايتي مع النزوح ..
فهي تجربة لم تخطر لي على بال وللكثير ممن لم يعشها ولن يفهمها .
هل تعلمون ما يجول بخاطري كل ليله ملايين المرات..؟
 عندما تبعد عن منزلك مسافة عشر دقائق في سيارتك ولا تستطيع الوصول او الاقتراب منه منذ أحدى عشر شهر .
وعندما تركت كل اشيائك وتفاصيلك الجميله خلفك ولا تعلم عنها شيئآ .
النزوح يا أعزائي غيرنا ليس فقط من الخارج، بل من الداخل أكثر، لقد ولى زمن المهاجرين والانصار، لقد عشناه في الكتب وفي السيرة النبويه العطره فقط، اما في الواقع فلم نجد الا ظلم ذوي القربى،  وجشع التجار والمرابين، وقاطعي الطرق .
 في النزوح لم يعد يحمي الشخص الا العشيرة  والعائله، والا سوف تكون عرضه للابتزاز من اي متسكع او ساقط في بيئته يمتشق سلاح شهيد دمائه وجسده منثورا في الطرقات .
في النزوح  لم يعد أحد يؤمن بالسياسه، أو الاحزاب فكلهم تركونا في اتون المعركه لوحدنا الا بعض المناضلين الأوفياء  والشرفاء .
في النزوح ممكن ان تتلقى رصاصه من احد السفهاء وانت تناضل من أجل تعبئة جالون من المياه، او انت تسير بجانب منزل او سياره تتعرض للقصف فجأه.
في النزوح فقدنا جزءآ كثيرا من الذين نحبهم، ولم يتركوا لنا الا بعض الصور التي جمعتنا والذكريات الجميله.
في النزوح يا أحبتي انتشرت الكثير من الجرذان السمان الهاربه من تحت الانقاض، والتي أصبحت خطرا يهدد ابنائنا واحبائنا .
في النزوح تساوى الكل في هذا المكان، ماعدا تجار الدم وقاطعي الطرق والنشالون الاغبياء الذين يتجاترون بسمعتهم وسمعة أسرهم من أجل سرقة جوال او اثاث محطم.
في النزوح تشتاق إلى طيور الحمام التي هاجرت او نزحت إلى أماكن آمنه لا يوجد بها قصف ولا رصاص قاطعين الطرق .
في النزوح انتشرت الأمراض والاوبئه التي انقرض من مئة عام .
في النزوح يا اعزائي هناك مسافه هائله مابين التجربه والكلمات.

البوابة 24