"نزيف الروح.. قلعة لحمنا المحروق"
هذا موعدُنا مع الصبح تعالي أنا هناك أجمعُ دمَ الأرض وصوت طفلةٍ ضلَّها الفرح لا تتعثري في الصراخ ندبة الحبِّ على خدكِ تهزمُ همجية العصر تطوي إلى جناحيها بحر العشق الذي يصبُّ غضبَه في روافدِ الروح لا تستهويني لحظة عابرة في دمي أدمنتُ الرصاصَ وباروداً يُخلدُ الرمل َعلى ناصيتنا ننزف حباً، نلجمُ المحرقةَ بماءِ الحياة، نسكتُ القنابلَ بوردٍ تخمره أصلابُنا لا نمرن الشفاه على ناياتِ الحزنِ، نروضُ أوتار الفاجعة تَرشحُ مسامنا مسكاً، نحمي حدائقَ الفرح بضلوعٍ شُبه لكم صلبها. لا نبي بيننا أعرضُ عليه رؤياي رأيتُ أني أحملُ بعضي على ظهري ملاكٌ يهمسُ في أذني: بعدك طفلاً تحملُ ما لا تحمل الجبال صبُركَ جاور أنبياء الله تقدم العمرُ فيك ألف مأساة ومأساة فلا تعيب ترف الخنوع فيهم. أسيرُ على وقعِ رؤياي جرحيَّ النازف يصفع وجهَ الحضارة أَخَذْتُ لي نجوم السماء، وتَركتُ على موائدَكم هدنةٍ نتنة اللحمُ الذي عطّرَ السماء أُلملمُه، جَمعته في حقيبةٍ على كتفي القنابلُ تقرعُ الأرض ومزامير الخلودِ تنبتُ على نهرِ جلودِنا. * * * هذا موعدُنا مع الصبح تعالي أنا هناك أحرسُ بلاطَ الدارِ أقفُ درعاً، أحمي كَتِفَ الهمسِ المنهوشِ كي يبقى الكلام رطباً قطوف الإبادة دانية من رأسيْنا طريقُ النجاةِ تؤلمُنا، ننزحُ في التعب.. نحملُ خبزَ الذكريات ماذا نسينا؟! نسينا شنطة الروح مكدسةً بأكوامِ ملامحنا وشاح الحنينُ يظلّلُنا وقلبيَّ الموشوم بالدمعِ تسوقه الأقدار خانَ التاريخُ أقدامَنا لا عتبة .. لا مرسى ولا منارة تهتدي إليها لهفة الظل. لنستريح قليلاً، لقد لقينا من نزوحِنا نَصَبا، لنستريحَ قليلاً، نلقّنُ الطينَ أسماءنا شعر الطفلة المبلل بالدم، يزيد نار المحرقة على مفاصلي، أغنيةُ الكونِ عيناها؛ خذني إلى طرفِ النهار، أذانُ الفجرِ على خوفٍ: الصلاة خيرٌ من النوم وهل ينام المسافر إلى سدرة المنتهى! * * * هذا موعدُنا مع الصبح تعالي أنا هناك أحتجبُ من زيفِ القصائد التي تأخذُ من المنايا قوافيها، ومن نثرِ الأشلاء تبني لغتها المعتلّة، مدادُ الأقلامِ خبيثة، تُأنسنُ الجريمة، ليلُ العهرِ يعرفُ وحدَه أين يبيت ضمير العالم سكبتُ المآذنَ على أبوابِهم، قَرعتُ الأجراسَ في شوارعِهم، من أينَ لنا يوسف يلقي بقميصٍ، ينتشل من فم المدافع البصر والبصيرة. صحراءُ الله أرضُ الله بحرُ الله يدُ الله ممدودةٌ تسقينا، تنهزمُ أشواكَ الخطايا، يقطينةُ يونس غيمات تبلسمُ جلودَنا المحروقة * ** هذا موعدُنا مع الصبح تعالي أنا هناك أخبِئُ صراخَك، أودعتُه في بطنِ محارة، نزفُكِ يجمعُ إليه لؤلؤ الكون حروف الأسماء موزعة على أقدارِها ما نفْع الشواهد إن غابتْ عنها ملامحُنا. الصمتُ مدامع الأرضُ مدافن عصف الزيتون عرشاً هدهد سليمان غاب عن يقينِنا أخبارُ الصبحِ خرساء، وعثاءُ القتل هواية المترفين سهامُ المسافات مناديل الندى، تسوقُ حناجرنا إلى تابوتٍ تحررتْ أضلاعُه. لا شيءَ يهزمُكِ الآنَ، ولا شيءَ يهزمُني، غبار الواقعة لاتمحو أثرَكِ عن الرملِ ولا تمحو أثري وهجُ ثغرِكِ يسدُّ فوهة المقابر غازلي النظرة الأخيرة بيني وبينَكِ، واجعلي النزفَ يتمايل ببراءة رشي رحيق صدرك في عينِ الشمس، لتنجو من الموت أخر فراشة بازارُ الموت لا تُغلقُ أبوابُه والشظايا جنّةٌ تعبرُ فينا.
سائد عثمان أبو جحجوح٠