بعد حصار قارب على شهر كامل، تروي شهادات شهود عيان قصصاً قاسية عن النزوح القسري من مخيم جباليا، في ظل ظروف وصفوها بـ"يوم الحشر"، حيث أجبرهم جيش الاحتلال الإسرائيلي على مغادرة بيوتهم وسط قصف وإطلاق نار مكثف.
نزوح قسري وتعنت إسرائيلي
السيدة تحرير صالح، التي نزحت من منطقة العلمي بمخيم جباليا، تصف مشاهد الرعب والخوف التي عاشتها مع أطفالها وجيرانها. تقول: "بقينا تحت القصف المتواصل والقذائف والنار لأيام، وصراخ الأطفال كان يهز القلوب؛ الكل كان يردد 'ماما بدناش نموت، بدنا نعيش'."
تحاول "صالح" الثبات أمام أطفالها، لكنها، كغيرها من النساء والأطفال، كانت تغالب الخوف والرعب.
معاناة في كل خطوة
تحكي السيدة تحرير عن رحلتها: "كنا ننتقل من بيت لآخر، ومن مدرسة لمستشفى، وكل مكان كنا نصل إليه كان تحت الاستهداف." وتضيف أن القذائف تتساقط فوق رؤوس النازحين بشكل متعمد لإرهابهم ومنعهم من العودة.
ومع تراكم الرعب، قررت "صالح" النزوح لحماية أطفالها الذين أنجبتهم بعد سنوات طويلة من العقم، لكنها لم تتخيل حجم المعاناة في رحلة النزوح، حيث انطلقت دون أمتعة أو مؤن.
طفلة صغيرة نازحة من مخيم جباليا تبكي من الألم في قدميها بعد المشي لمسافة طويلة
— صباح العمراني (@sabah71elamrani) October 24, 2024
وفوق ألم المشي، ألم الذهاب نحو المجهول#جباليا_تباد#JabaliaGenocide pic.twitter.com/xd4u44bSMC
حواجز الموت
أثناء رحلتها، واجهت "صالح" عدة حواجز إسرائيلية، حيث أُجبرت النساء والأطفال على الركض بسرعة بينما تم فصل الرجال في بعض المواقع. تقول: "الطريق كان مليئاً بالحجارة والحصى، والجيش يأمرنا بالاستمرار في المسير دون توقف وإلا فُتح علينا النار."
تصف إحدى النقاط التي مرت بها بأنها كانت "تحتفظ بأهوال"، حيث صوّر الجنود النازحين وأمروهم برمي أمتعتهم.
تحت الشمس بلا رحمة
وعند أحد الحواجز الأخيرة، أجبر جنود الاحتلال النساء على رفع الحجاب للتحقق من هويتهن، وتركوا النازحين لساعات تحت الشمس بلا ماء، متلفظين بإهانات وشتائم، في حين لم يُسمح لأحد بالراحة.
شمال غزة يُباد ..
— الحـكـيم (@Hakeam_ps) October 21, 2024
بإجبار من جنود الاحتلال .. موجة نزوح كبيرة من جباليا بسبب القصف الصهيوني العنيف َوالمتواصل ..
تهجير وقصف واعتقال ومجازر .. نعيش النكبة والإرهاب من جديد pic.twitter.com/kRQNgRx686
ضغوط نفسية وتهديدات
ومن الشهادات الأخرى، أُجبر أحد المواطنين على توزيع منشورات إخلاء على الأهالي، تحت رقابة جيش الاحتلال الذي كان يتابع تحركاته عبر كاميرا مثبتة على رأسه. كانت طائرة إسرائيلية تلقي أوامر إخلاء لسكان مشروع بيت لاهيا، موجهة إياهم نحو مناطق محددة تحت التهديد بإطلاق النار.
عند وصول النازحين لمستشفى الأندونيسي، تم فصل النساء في مدرسة حلب والرجال في مدرسة الكويت، حيث أجرت قوات الاحتلال تحقيقات ميدانية، مرافقة بضغط نفسي من خلال بث رسائل تحريضية واستفزازية.
معاناة بلا نهاية
مع استمرار القصف الوحشي، توثّق مشاهد مؤلمة للنزوح القسري من جباليا، حيث عاش الأطفال والكبار فصولاً قاسية من التهجير والمعاناة تحت هجوم وحشي لم يترك لهم سوى الألم والمعاناة.