رشا كحيل، غزة
تعيش غزة أزمة إنسانية خانقة، حيث تتفاقم أزمة المجاعة وسوء التغذية في ظل الحرب المستمرة والحصار المفروض على القطاع. يتعرض أكثر من مليوني نسمة في غزة لظروف قاسية تهدد حياتهم اليومية، وتؤثر بشكل خاص على الأطفال والنساء، مما يعكس مأساة متزايدة تتطلب تدخلاً عاجلاً.
تشير التقارير الإنسانية إلى أن حوالي 1.4 مليون فلسطيني يعانون من انعدام الأمن الغذائي، فيما وصلت معدلات سوء التغذية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث يعاني نحو 40% من الأطفال دون سن الخامسة من التقزم، وهو ما يعكس آثاراً مدمرة على نموهم وصحتهم العامة.
في أحد أحياء غزة، تعيش عائلة أبو صالح التي فقدت منزلها إثر قصف طائرات الاحتلال للمربع السكني الذي يقع فيه منزلها، والذي يعرفه الغزيون باسم "الحزام الناري". تتكون العائلة من خمسة أفراد، بينهم ثلاثة أطفال تتراوح أعمارهم بين 4 و8 سنوات.
تصف ليلى، الأم، حياتهم بأنها تحولت إلى كابوس بعد الحرب. تقول: "لقد كانت لدينا أحلام بسيطة، ولكن الآن نكافح من أجل تأمين الطعام. معظم الأوقات نأكل الخبز فقط، ونفتقر حتى للحليب واللحوم." تعكس كلمات ليلى الألم العميق الذي يشعر به الكثيرون في غزة.
وتضيف ليلى أن تأثير سوء التغذية على أطفالها واضح. "ابني سامر يعاني من التعب الدائم ويبدو أنه لا يملك الطاقة للعب مع أصدقائه. أما ابنتي سارة، فهي تتأخر في النمو، وأخشى أن يؤثر ذلك على مستقبلها وصحتها العامة." يعكس هذا الوضع المأساوي كيف تؤثر الأزمات الإنسانية على الأجيال القادمة.
تشير التقارير الأخيرة إلى أن عدد الأشخاص الذين توفوا نتيجة المجاعة وسوء التغذية خلال الحرب الحالية تجاوز 1,000 شخص، وكان أكثرهم تضرراً من الأطفال والنساء، مما يسلط الضوء على الكارثة الإنسانية المتفاقمة.
وتشير الأبحاث إلى أن آثار المجاعة لا تقتصر على الجوانب الجسدية فقط، بل تمتد أيضاً إلى الجوانب النفسية والاجتماعية، حيث يعاني السكان من الاكتئاب والقلق. وقد أظهرت الأبحاث زيادة ملحوظة في معدلات الأمراض النفسية، مما يزيد من تعقيد الوضع.
فيما تتفاقم هذه الأزمة الإنسانية، يُلاحظ أيضًا أن العديد من العائلات في غزة لا تستطيع توفير أبسط مقومات الحياة الأساسية. العائلات تجد نفسها مضطرة للبحث عن أي شكل من أشكال الدعم في ظل غياب المساعدات الدولية الكافية، ما يجعلها عرضة للتفكك العائلي والهجرة القسرية. لقد أضحى المواطنون في غزة لا يأملون سوى في الحصول على جرعة صغيرة من الأمل، حتى ولو كانت مجرد وعود بالمساعدات.
تظهر الحاجة الماسة الآن ليس فقط لتقديم المساعدات الإنسانية الفورية، ولكن أيضًا للتوصل إلى حلول سياسية تضمن إنهاء الحصار ووقف الحرب. في ظل الظروف الراهنة، تبدو الخيارات ضئيلة أمام المدنيين في غزة الذين يعانون من فقدان الأمل في التحسن أو التغيير. لا يمكن لحلول جزئية أن تقدم لهم المستقبل الذي يستحقونه. غزة بحاجة إلى تغيير جذري في سياسات المجتمع الدولي من أجل ضمان حقوقها وكرامتها الإنسانية.
يشعر سكان غزة بخيبة أمل شديدة تجاه المجتمع الدولي، الذي لم يحقق أي تقدم ملموس في جهود وقف إطلاق النار أو إدخال الغذاء والمساعدات الإنسانية. ورغم النداءات المتكررة، لا تزال الأوضاع الإنسانية تتدهور، مما يزيد من معاناة المدنيين.
تظل أزمة المجاعة وسوء التغذية في غزة واحدة من أكثر القضايا الإنسانية إلحاحاً في العالم اليوم. تحتاج غزة إلى دعم عالمي حقيقي يتجاوز الجهود الإغاثية، ويضغط من أجل إنهاء الحصار ووقف الحرب لضمان حقوق الفلسطينيين في العيش بكرامة.