بقلم: ميسون كحيل
توشك الحرب على الانتهاء، والاتفاق بين إسرائيل ولبنان على وقف النار قاب قوسين أو أدنى، لكنه يفتقد إلى شيء هام، وهو توقيع ترامب. لذلك، فإن حفل الختام سيؤجل إلى حين استلام أهوج آخر رئاسة العالم. وسيرتبط هذا الحفل بوضع اللمسات الأخيرة للحرب على قطاع غزة المنكوب، الذي سيتعرض، خلال انتظار حفل الختام، إلى تكرار ذات المشاهد المؤلمة للقتل والدمار واستمرار عرض العضلات!
ستهدأ الجبهة اللبنانية، وستتوقف الحرب على لبنان، لكنها ستبقى ضمن السيطرة الإسرائيلية لفترة مؤقتة مرتبطة باستمرار الحرب على غزة. وسيكثف العمل الاستخباراتي والعسكري الإسرائيلي لتحقيق رغبة الحصول على جميع الأسرى الإسرائيليين، إن بقي أحدٌ منهم. وتميل الاحتمالات إلى قرب ذلك من خلال اتفاقات تضمن فيلا وسيارة وحرس في مكان ما، في حال موافقة صاحب المكان إن وجد. ورغم ذلك، فلا تزال التصريحات البهلوانية مستمرة، وكأن الشارع الفلسطيني غبي.
لا أحد في قطاع غزة يستطيع أن يستوعب ما يُقال على ألسنة بعض الكاذبين وعدد من المحللين في تمسكهم الهابط بعبارة: "إسرائيل لم تحقق أهدافها من هذه الحرب على قطاع غزة!" بمعنى، وعلى حسب فهمهم، أن أهداف إسرائيل من الحرب ليست تدمير القطاع، ولا احتلال أجزاء منه، ولا قتل الآلاف من أهل قطاع غزة، ولا النزوح المتكرر، ولا تمرير فكرة الخروج من غزة طوعاً (أي التهجير).! كيف يفكر هؤلاء، وما الذي يريدونه من القطاع وأهله، بعد أن وصل الأمر إلى حالة تتفوق على المأساة أو الكارثة؟ حتى الإبادة أقل درجة مما يحدث في القطاع، ومما تعرّض له أهله وما يتعرضون له.
الحقيقة أن الحرب على غزة أيضاً اقتربت من نهايتها، لكنها نهاية مختلفة عن نهاية الحرب على لبنان. فمن حيث شكل النهاية، لن يبقى الجيش الإسرائيلي في جنوب لبنان بعد حفل الختام، وقد حققت إسرائيل ما أرادت من هذه الحرب. بينما في قطاع غزة، سيشهد حالة أخرى طويلة من الاحتلال وبقاء الجيش الإسرائيلي، من أجل رسم صورة جديدة للقطاع تشبه الضفة الغربية في الحدود والمعابر والبلد السائب! وقد تمتد هذه الصورة وتطول زمنياً، وقد تستمر حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً.
الحقبة الترامبية ظهرت معالمها، والوضع الفلسطيني القادم قاتم. الطوفان استُبدل تماماً بالوضع القائم، وحرية التنقل والمغادرة والعبور باتت بعيدة المنال. والمشهد الفلسطيني سيأخذ أبعاداً أخرى وخيارات صعبة، ستفتقد إلى الوصفات اللغوية المستخدمة للضحك على الذقون، من "وحدة الصف" إلى "وحدة الكلمة" مروراً بـ"وحدة الموقف". فقد ظهرت الحقائق مع هذه الحرب وقدمت عناوين واضحة أدركتها الشعوب، من الكذبة الكبرى للقومية العربية إلى الحقوق الفلسطينية، مروراً بجحافل الجيوش القادمة لتحرير الأقصى. ذلك أن الحرب هي التي تغير المعطيات السياسية، وقد انتهى النزال.
كاتم الصوت: طالما صمت العرب عن تقديم رأي في مذكرة توقيف نتنياهو وغالنت، فهم خائفون من مذكرة أمريكية لتوقيفهم.
كلام في سرك: اتفاق قريب للإفراج عن الأسرى الإسرائيليين مقابل بعض المطالب والامتيازات، لا شأن لقطاع غزة أو أهله بها.
رسالة: قررتم استبدال وحدة الساحات بوحدة الطبخات والبدلات والسيارات وتدريس الكذبات. فما ذنب أهل غزة، أيها المغادرون بلا عودة؟ أحتفظ بالأسماء