ظهرت العديد من القصص على لسان المعتقلين بعد خروجهم من السجون السورية، وتحمل حكاياتهم تفاصيل صادمة تفوق حدود المنطق والخيال، تشبه ما نطالعه في الروايات عن أشخاص اختفوا لسنوات وعادوا فجأة ليجدوا أنفسهم في حضن عائلاتهم وأحبائهم.
وفي مشهد مؤثر يفيض بالمشاعر، استقبل الأردنيون فجر اليوم الثلاثاء المواطن الأردني أسامة البطاينة، الذي اختفى منذ 38 عامًا عندما كان في الثامنة عشرة من عمره، وعاد اليوم فاقدًا للذاكرة بعد سنوات قضاها في المعتقلات السورية، وتحديدًا في سجن صيدنايا، مثل كثير من المعتقلين الذين انقطعت أخبارهم لسنوات طويلة.
اختفى عام 1986
وفي هذا الإطار، كشف السفير سفيان القضاة، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية، أن البطاينة تم نقله من دمشق إلى مركز حدود جابر، حيث كان في استقباله أبناء عشيرة البطاينة من محافظة إربد شمال الأردن، لافتًا إلى أن السفارة الأردنية في دمشق تابعت قضيته منذ اختفائه عام 1986، إلا أن السلطات السورية أنكرت وجوده داخل البلاد طوال تلك السنوات.
بعد سنوات من الاختفاء والغموض، ظهرت الحقيقة أخيرًا، بعد العثور على "البطاينة" فاقدًا للوعي والذاكرة، وتم نقله إلى أهله بعد إجراء الفحوص الطبية اللازمة، وقد أثارت المفاجأة دهشة الجميع عندما سئل عن موطنه، فأجاب بصوت ضعيف: "إربد"، مما أكد هويته بأنه أسامة البطاينة الذي ظل مفقودًا لسنوات.
ملامحه تغيرت
كما صرح مقربون من العائلة أن الزمن غيّر ملامحه، لكنه لم يستطع طمس حقيقة أنه هو الشاب الذي غادر الأردن في الثمانينيات بعد إنهاء الثانوية العامة، متوجهًا إلى سوريا للبحث عن جامعة للدراسة، وانقطعت أخباره منذ ذلك اليوم، وظل مصيره مجهولاً حتى الآن.
والجدير بالذكر أن "سجن صيدنايا" المعروف بمساحته الشاسعة، يضم آلاف المعتقلين السوريين وغيرهم ممن اختفوا في ظروف غامضة، ويعتقد أن بعضهم لا يزال محتجزًا في أماكن محكمة الإغلاق، مما حال دون خروجهم مع مئات المعتقلين الآخرين خلال الأيام القليلة الماضية، وفق روايات ذوي المفقودين.