وجهت مصادر سياسية فلسطينية، مقربة من دوائر صنع القرار، تحذير من احتمال اندلاع انتفاضة ثالثة قد تؤدي إلى ما وصفته بـ"نهاية" السلطة الفلسطينية، في ظل قرارات مرتقبة من الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن الضفة الغربية، والمتوقع صدورها "خلال أسابيع".
"سياسة متهورة"
وأكدت المصادر، في تصريحات إعلامية، أن نهج "الاجتياح الأهوج" الذي اعتمده ترامب في طرح مشروعه لتهجير سكان غزة يعكس "سياسة متهورة"، سيكون أول المتضررين منها مؤسسة السلطة الوطنية الفلسطينية، التي ستجد نفسها أمام خيارات صعبة وغير مسبوقة منذ توقيع اتفاقية أوسلو قبل ثلاثة عقود، بين منظمة التحرير وإسرائيل.
كما لفتت المصادر، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها، إلى أن نتائج القمة التي جمعت ترامب برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تفتح الباب أمام تكهنات واسعة حول ما يخطط له الرئيس الأمريكي السابق بشأن مستقبل الضفة الغربية، وما قد يترتب على ذلك من تداعيات على السلطة الفلسطينية، التي تعاني بالفعل من تراجع شرعيتها وضعف الدعم الأمريكي والإسرائيلي لها خلال السنوات الأخيرة.
"النسخة الثانية من صفقة القرن"
وأردفت المصادر أن القمة الفلسطينية الأردنية التي انعقدت مؤخرًا في عمان كانت مخصصة بشكل شبه كامل لمراجعة وتقييم ما وصفته بـ"النسخة الثانية من صفقة القرن"، التي كان ترامب قد أعلنها لأول مرة في يناير 2020 خلال ولايته الرئاسية الأولى.
وأوضحت المصادر، أن الوفد المرافق للرئيس الفلسطيني محمود عباس خلال زيارته إلى عمّان ضم مستويات غير مسبوقة من المسؤولين الأمنيين والسياسيين والدبلوماسيين، ما يعكس أهمية اللقاء في ظل التطورات الإقليمية المتسارعة، مشيرة إلى أن هذه القمة سبقت لقاءً مرتقبًا بين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني وترامب في واشنطن، حيث من المتوقع أن تتناول المحادثات مستقبل القضية الفلسطينية وتداعيات الطروحات الأمريكية بشأن تهجير الفلسطينيين وإعادة تعريف العلاقة بين إسرائيل والضفة الغربية، بما في ذلك مصير السلطة الفلسطينية.
ورجحت المصادر أن تتضمن القمة الأردنية الأمريكية مكاشفات بشأن القضية الفلسطينية وتداعيات الدعاوى الأمريكية للتهجير ولإعادة توصيف العلاقة بين إسرائيل والضفة الغربية، بما في ذلك مصير مؤسسة السلطة الوطنية الفلسطينية.
قرارات غير متوقعة
وفي السياق ذاته، توقعت المصادر، أن تحمل الفترة التي تسبق الإعلان عن قرارات ترامب "مفاجآت غير متوقعة"، مشيرة إلى احتمال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة بسبب عدة عوامل، من بينها الإخلال الإسرائيلي ببنود البروتوكول الإنساني، بالإضافة إلى تداعيات مشروع ترامب لتهجير سكان القطاع.
كما لم تستبعد المصادر حدوث تطورات تتعلق بدور السلطة الفلسطينية في إدارة معبر رفح بين غزة ومصر، معتبرة أن هذه المشاركة كانت بمثابة أول قبول إسرائيلي بعودة السلطة إلى غزة، وهو ما قد يكون موضع إعادة نظر في ظل التحولات السياسية الحالية.
العدوان الإسرائيلي على مخيم جنين
ومن جانبه، يرى الباحث سلمان الطويل، أن إسرائيل نقلت معركتها من غزة إلى الضفة الغربية، وفق رؤية مشتركة مع واشنطن، واصفًا هذه الخطة بـ"صفقة القرن 2".
واستطرد "الباحث"، أن الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة في جنين ومخيمها للأسبوع الثالث على التوالي تمثل امتدادًا لحرب غزة، لكن ضمن سياق جغرافي وديموغرافي مختلف.
كما لفت "الباحث"، إلى أن هذه العمليات تهدف إلى تفتيت الضفة إلى "كانتونات" عبر تعزيز الاستيطان وإشراك المستوطنين في فرض واقع جديد، يقضي عمليًا على أي دور متبقٍّ للسلطة الفلسطينية في رام الله.
وشدد "الطويل"، على أن خيارات السلطة في مواجهة هذا التصعيد محدودة للغاية، وتكاد تقتصر على التوجه للشرعية الدولية، التي لم تفلح في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة أو تغيير مسار الأحداث.
احتجاجات شعبية متوقعة
ويعتقد "الطويل"، بأن انسداد الأفق السياسي قد يؤدي إلى اندلاع انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية بأساليب وقيادات جديدة، مع إمكانية أن تمتد تداعياتها إقليميًا ودوليًا، عبر احتجاجات شعبية ومطالبات بالخروج من اتفاقية أوسلو.
وبدوره، أعرب الخبير السياسي المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، مروان عبد الحليم، عن قلقه من مستوى القطيعة المتزايدة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، مشيرًا إلى أن تل أبيب باتت ترفض أي دور للسلطة، سواء فيما يتعلق بغزة أو بمستقبل الضفة الغربية.
ووصف "عبد الحليم"، العلاقة الحالية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية بأنها باتت شبيهة بتلك التي سادت في السنوات الأخيرة من حكم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات "قبل اغتياله بشبهة التسميم".
واختتم "عبد الحليم"، تصريحاته بالإشارة إلى أن خيارات السلطة الفلسطينية في مواجهة مشاريع ترامب ونتنياهو باتت محدودة للغاية، خاصة في ظل حالة الجفوة العميقة بين رام الله وغزة، ما يستدعي ترقبًا حذرًا لما قد تحمله الأيام القادمة من مفاجآت، قد يكون أبرزها اندلاع انتفاضة شعبية تهدف في المقام الأول إلى إنهاء اتفاق أوسلو وإعادة رسم المشهد السياسي الفلسطيني، كما قال.