تجربة غير مسبوقة.. علماء يحاولون تعليم الفئران لغة البشر.. ماذا كانت النتيجة؟

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

قام فريق من العلماء بإجراء تجربة فريدة من نوعها تمثلت في حقن مجموعة من الفئران بجين خاص مرتبط باللغة البشرية، في محاولة لاستكشاف إمكانية نقل القدرات اللغوية إلى الحيوانات، وتسعى هذه الدراسة إلى فهم مدى تأثير هذا الجين على قدرات الفئران الصوتية وما إذا كان يمكن أن يجدث تغييرات جوهرية في أصواتها وسلوكها الاجتماعي.

علماء يحاولون تعليم الفئران لغة البشر

ووفقًا لما ذكره موقع "ساينس أليرت" العلمي المتخصص، فإن الجين الذي تم استخدامه في التجربة يُعرف باسم (NOVA1)، وهو جين بشري يُعتقد أنه لعب دورًا مهمًا في تطور اللغة لدى البشر، وقد تم حقن الفئران بهذا الجين عن طريق دمجه في حمضها النووي، مما أتاح للعلماء فرصة دراسة التغيرات التي قد تطرأ على أنماطها الصوتية.

2.JPG
 

كما لفت "الباحثون" في جامعة روكفلر ومختبر كولد سبرينج هاربور في نيويورك، إلى أن جميع الثدييات تقريبًا تمتلك نسخة من هذا الجين، إلا أن هناك اختلافًا جوهريًا يتمثل في تغيير حمض أميني واحد في النسخة البشرية، وهو ما قد يكون مفتاحًا لفهم كيفية نشأة اللغة المنطوقة وتطور الإنسان العاقل.

نتائج التجربة والتغيرات الصوتية

ويشار إلى أنه بعد حقن الفئران بجين (NOVA1)، لاحظ العلماء تغيرًا في أصواتها، حيث بدأت بإصدار نغمات مختلفة مقارنةً بالفئران العادية، وعلى الرغم أن عدد الأصوات التي أطلقتها الفئران لم يختلف كثيرًا عن الفئران غير المعدلة وراثيًا، لكن طبيعة هذه الأصوات تغيرت بشكل ملحوظ.

وقد لوحظ أن الفئران التي خضعت للتعديل الوراثي بدأت تصدر أصواتًا بترددات عالية، إلا أن هذه التغيرات الصوتية لم تؤثر على استجابة الأمهات لها، حيث لم تحظَ الفئران المعدلة باهتمام أكبر من أمهاتها مقارنة بالفئران الطبيعية، ومع ذلك، يعتقد العلماء أن هذه الأصوات قد تكون محاولة لزيادة التفاعل الاجتماعي، وإن كانت غير فعالة.

دور الجينات في تطور اللغة البشرية

وعلاوة على جين (NOVA1)، سبق أن تم تحديد جينات أخرى يعتقد أنها تلعب دورًا في تطور اللغة، مثل (FOXP2)، والذي ارتبط سابقًا بإحداث تغييرات صوتية في الحيوانات، لكنه قد لا يكون العامل الوحيد المسؤول عن التطور اللغوي للبشر.

وفي تحليل لأكثر من 650 ألف تسلسل من الحمض النووي البشري، وجد العلماء أن ستة أشخاص فقط لا يمتلكون المتغير الحديث من (NOVA1)، لكن لا توجد معلومات كافية عن تأثير غياب هذا الجين على قدراتهم اللغوية أو الفكرية.

3.JPG
 

أهمية البحث في فهم أصول اللغة البشرية

وفي سياق متصل، كشف عالم الأورام العصبية روبرت دارنيل، الباحث في جامعة روكفلر، أن هذا الجين قد يكون جزءًا من تغير تطوري شامل حدث في البشر الأوائل، وهو ما قد يكشف عن أصول قديمة للغة المنطوقة، لافتًا إلى أن (NOVA1) ربما يكون أحد الجينات البشرية الحقيقية المرتبطة باللغة، رغم أنه ليس العامل الوحيد في هذا التطور.

عندما قام "دارنيل"، وفريقه بتوليد المتغير البشري من (NOVA1) بشكل مصطنع داخل الفئران، لاحظوا تغيرات واضحة في أنماط الأصوات التي تصدرها الفئران الصغيرة والبالغة، وبالرغم من أن هذه الأصوات لم تؤدِ إلى استجابة مختلفة من الأمهات، إلا أنها تمثل دليلًا على أن الجين قد يؤثر في طريقة إنتاج الأصوات.

فهم آلية تأثير الجين على الدماغ

ويجدر الإشارة إلى أن الباحثون يحاولون الآن الإجابة عن السؤال المحوري، وهو لماذا بدت أصوات الفئران مختلفة بعد تعديل جين NOVA1؟ ويشتبه الفريق في أن الجين يحدث تغييرات على المستوى الجزيئي في بعض مناطق الدماغ، مثل المسارات الصوتية في الدماغ الأوسط وجذع الدماغ، أو في القشرة المخية، وهي المنطقة المسؤولة عن التحكم في الصوت والترددات.

ويذكر أن جين (NOVA1) يشتهر بأنه "منظم رئيسي للجينات"، حيث يؤثر على أكثر من 90% من الجينات الأخرى أثناء التطور، وهذا ما يجعله محط اهتمام العلماء في محاولاتهم لفهم كيف تطورت القدرات اللغوية لدى البشر.

العربية