أكد محللون إسرائيليون، أن تصعيد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للحرب على الفلسطينيين في قطاع غزة ليس منفصلًا عن حساباته السياسية الداخلية، بل مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بإمكانية إعادة وزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير إلى الائتلاف الحكومي، في محاولة منه لضمان تمرير ميزانية الدولة، وبالتالي منع سقوط حكومته تلقائيًا مع نهاية شهر مارس الجاري.
وأشار المحللون، إلى أن نتنياهو بحاجة ماسة إلى دعم زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف، بن غفير، كي يتمكن من تمرير قانون الميزانية في الكنيست قبل نهاية الشهر، كما ينص القانون الإسرائيلي، حيث تنص القوانين المعمول بها على أن الحكومة تحل بشكل تلقائي إذا لم يتم التصديق على الميزانية العامة بحلول نهاية الشهر الحالي.
عقبة الأحزاب الدينية تربك حسابات نتنياهو
كما أوضح "المحللون"، أن نتنياهو قد يصطدم بعقبة أخرى تتمثل في رفض بعض نواب الأحزاب الدينية التصويت لصالح الميزانية ما لم يتم تمرير مشروع قانون يمنح المتدينين إعفاءً من الخدمة العسكرية الإلزامية، ورغم أن نتنياهو طالبهم خلال الأسابيع الماضية بدعم الميزانية أولًا وتأجيل خلافاتهم، إلا أنه لا يستطيع ضمان انصياعهم لمطلبه، مما يعقد فرصه في تأمين الأصوات المطلوبة.
عودة الحرب تمهيد لإعادة بن غفير
وبالتزامن مع استئناف الحرب على غزة، يربط عدد من المحللين الإسرائيليين بين هذا التصعيد العسكري وعودة بن غفير المحتملة إلى الحكومة، بما يعزز موقف نتنياهو الائتلافي ويضمن تمرير الميزانية.
وفي هذا الإطار، كتب المحلل، أمير يتبون، في صحيفة "هآرتس"، على منصة "إكس" قائلًا: "أمام نتنياهو خياران واضحان: إما عودة عمري ميرين وديفيد كونيو إلى عائلاتهم، أو عودة بن غفير إلى الحكومة لضمان تمرير الميزانية، لقد اختار بن غفير".
التخلي عن الأسرى لصالح بن غفير
ومن جانبه، هاجم النائب العربي في الكنيست أيمن عودة، قرار نتنياهو عبر منشور على "إكس"، قائلًا: "نتنياهو اختار إعادة بن غفير، ما يعني مزيدًا من الحرب والدمار، والتخلي عن المخطوفين (الأسرى الإسرائيليين في غزة)، ومواصلة عبادة الموت وتقديس الدماء".
كما علقت الصحفية في هيئة البث الإسرائيلية؛ تالي مورينو، بقولها: "استعادة بن غفير تعني بضع أصابع إضافية في التصويت على الميزانية، لكن على حساب الأرواح البشرية".
بن غفير الفائز الأكبر من الحرب على غزة
أما الصحفي البارز في صحيفة "معاريف"، بن كسبيت، فقد كتب منشورًا لاذعًا على "إكس"، جاء فيه: "استئناف الحرب بالنسبة للدكتاتور (في إشارة إلى نتنياهو): عودة بن غفير، بقاء سموتريتش، تأجيل المحاكمة، وقف الشهادات، تجميد الاحتجاجات، تمرير الميزانية، وإزالة الخطر المباشر على الحكومة".
وأردف "بن كسبيت"، لافتًا إلى أن التركيز انتقل من مسألة إقالة رئيس الشاباك إلى الحرب، ومن التفكير في عزل النائب العام إلى تصعيد غزة، مع إقناع الجمهور بأن حماس ستُدمر بالكامل، قائلًا بسخرية: "النتيجة هي شراء المزيد من الوقت لصالح نتنياهو، ولكن ماذا عن الأسرى؟".
بن غفير يحتفل بـ"عيد ميلاده السياسي"
واستطرد "بن كسبيت"، قائلًا: "استيقظ إيتمار بن غفير هذا الصباح ليحتفل بما يشبه عيد ميلاده السياسي، وجد كل الهدايا التي حلم بها موضوعة بجانب سريره: تجديد الحرب، إقالة رئيس الشاباك، بدء إجراءات عزل المستشارة القانونية، وقف المساعدات الإنسانية، مع استمرار احتجاز المخطوفين في أنفاق حماس، كل أحلامه تحققت".
وختم "كسبيت"، بقوله: "حتى عندما لم يكن بن غفير جزءًا من الحكومة، كانت حكومة على شاكلته، واليوم، يعود إليها منتصرًا، الرجل الذي قال عنه بيبي (نتنياهو) سابقًا إنه لا يصلح لأن يكون وزيرًا في حكومته، بات فعليًا رئيس الحكومة الحقيقي".
بن غفير يبارك استئناف الحرب على غزة
والجدير بالإشارة أن وزير الأمن القومي الإسرائيلي المستقيل إيتمار بن غفير لم يخفي ترحيبه الشديد بتصعيد العمليات العسكرية على قطاع غزة، حيث عبر في منشور على منصة "إكس" عن دعمه الكامل لاستئناف القتال المكثف، قائلًا: "نرحب بعودة إسرائيل بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى القتال المكثف".
وأردف "بن غفير"، في منشوره: "كما أوضحنا مرارا خلال الأشهر الماضية، منذ انسحابنا من الحكومة: يجب على إسرائيل العودة للقتال في غزة، هذه الخطوة صائبة وأخلاقية ومبررة بالكامل، الهدف منها تدمير منظمة حماس وإعادة الرهائن، لا يمكن القبول باستمرار وجود حماس ويجب القضاء عليها تماما".
وكان بن غفير قد أعلن استقالته من الحكومة، في وقت سابق، احتجاجا على التوصل إلى اتفاق هش لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى مع حركة حماس، إلا أنه أبدى في الأيام الأخيرة استعداده للعودة مجددا إلى الحكومة فور استئناف الحرب.
والجدير بالذكر أن القناة 12 الإسرائيلية، أفادت بوجود تقدم ملحوظ في المحادثات الجارية بين نتنياهو وبن غفير لبحث إمكانية عودته إلى الائتلاف الحكومي، مؤكدة أن "نتنياهو يسعى لإعادة بن غفير إلى الحكومة خلال هذا الأسبوع".