مع اقتراب عيد الفطر، تكثف الجهات الوسيطة جهودها في التواصل مع كل من حركة "حماس" وإسرائيل، بهدف التوصل إلى اتفاق، حتى لو كان مؤقتًا، يمهد الطريق لمفاوضات أوسع تهدف إلى تحقيق وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة.
ويتركز العمل حاليًا على إيجاد صيغة توافقية تتيح إعلان "هدنة العيد" قبل حلول أول أيام العيد، المتوقع أن يكون إما الأحد أو الاثنين، ويحيط جو من التفاؤل بإمكانية تحقيق هذا الهدف، لا سيما إذا كانت ردود الجانبين إيجابية تجاه المقترح الذي يتم بلورته، ومن المنتظر أن تتضح ملامح النتائج المحتملة خلال الساعات القليلة المقبلة.
مبادرة مصرية
ورغم تداول أنباء عن وجود مبادرة مصرية مطروحة للنقاش، تتضمن الإفراج عن خمسة مختطفين إسرائيليين أحياء، مقابل وقف مؤقت لإطلاق النار لمدة 50 يومًا، إضافةً إلى فتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية، وبدء جولة تفاوضية للمرحلة الثانية من الاتفاق، فإن "حماس" لم تصدر أي تعليق رسمي بشأن ذلك.
اقرأ أيضًا:
- تحركات مكثفة بين مصر وقطر.. هل تقترب الهدنة في غزة؟
- مقترح مفاجئ.. هل تتخلى "حماس" عن حكم غزة مقابل هدنة طويلة؟
من جهتها، نفت إسرائيل عبر تصريحات متكررة لمسؤولين بارزين، نشرت في وسائل إعلام عبرية مؤخرًا، تلقيها أي مقترح بهذا الخصوص.
وفي سياق متصل، أفادت "القناة 12" الإسرائيلية، مساء الخميس، بأن كلًّا من قطر والولايات المتحدة تعملان على صياغة مقترح ينص على إفراج "حماس" عن الجندي الإسرائيلي-الأميركي عيدان ألكسندر، مقابل صدور إعلان رسمي من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، يدعو فيه إلى بدء مفاوضات مباشرة لوقف إطلاق النار.
ومع ذلك، نفى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تلقيه أي مقترح من هذا النوع، فيما التزمت "حماس" الصمت حيال هذه التقارير.
تطور إيجابي
وفي حديث صحفي ظهر الجمعة، أعرب باسم نعيم، القيادي في "حماس" وعضو مكتبها السياسي، عن أمله في أن تشهد الأيام القليلة المقبلة تطورًا إيجابيًا قد يفضي إلى تخفيف حدة الحرب، وأوضح أن الاتصالات بين الوسطاء وقيادة الحركة تكثفت في الأيام الأخيرة، في محاولة للتوصل إلى اتفاق واضح يضمن وقفًا لإطلاق النار، وفتح المعابر، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، إلى جانب استئناف المفاوضات حول المرحلة الثانية، التي من المفترض أن تفضي إلى إنهاء الحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل من القطاع.
وأكد نعيم أن "حماس" تتعامل مع هذه الجهود بمرونة ومسؤولية، مع التركيز على إنهاء معاناة الشعب الفلسطيني، وتمكينه من البقاء في أرضه، وفتح الطريق أمام استعادة حقوقه المشروعة.
وتفيد مصادر قيادية في "حماس"، مطلعة على مجريات المفاوضات، بأن هناك جهودًا حثيثة لصياغة مقترح يحظى بقبول قيادة الحركة والوسطاء، بما في ذلك الولايات المتحدة، التي يفترض أن تضمن التزام إسرائيل بتنفيذه.
وتشير المصادر إلى أن المحادثات مستمرة منذ نحو ثلاثة أسابيع، شهدت خلالها "حماس" تلقي عروض مختلفة، دون أن تغلق الباب أمام أي منها، بل إنها أبدت استعدادها لمواصلة النقاش حولها، خصوصًا في ظل تكثيف الوساطات خلال الأيام الأخيرة.
وتوضح المصادر ذاتها أن قيادة "حماس" أبلغت الوسطاء بأنها لا تعترض على عدد المختطفين الذين سيتم الإفراج عنهم، سواء كانوا خمسة أو أكثر أو أقل، كما أنها لا تضع شروطًا محددة بشأن أعداد الأسرى الفلسطينيين الذين سيُطلق سراحهم في إطار الاتفاق.
طبيعة العروض
غير أن المشكلة الأساسية، وفقًا للمصادر، تكمن في طبيعة العروض التي قدمت للحركة، حيث تركز معظمها على إطلاق سراح المختطفين الإسرائيليين مقابل فترة تهدئة قصيرة لا تتجاوز 40 يومًا، إلى جانب إدخال مساعدات إنسانية محدودة، دون تقديم ضمانات واضحة بشأن الانتقال إلى المرحلة التالية أو تحقيق وقف دائم للحرب.
وتؤكد المصادر أن "حماس" طالبت بضمانات ملموسة بشأن وقف إطلاق النار، على أن يلي ذلك التفاوض حول تفاصيل إضافية، بما يشمل تمديد المرحلة الأولى، وتنفيذ بنود تشمل إدخال معدات ثقيلة، وخيام، وعربات متنقلة (كرفانات)، ومواد بناء، لإعادة إعمار المرافق الأساسية، مثل المدارس والمستشفيات والبنية التحتية الحيوية في القطاع.
وتشير المصادر إلى أن "حماس" أبدت أقصى درجات المرونة في سبيل التوصل إلى اتفاق، لكن العقبة الأساسية لا تزال تتمثل في الموقف الإسرائيلي، الذي يواصل فرض شروط معقدة.
حكم غزة
وفيما يتعلق بمستقبل الحكم في غزة، تؤكد المصادر أن "حماس" أبلغت الوسطاء بأنها لا تتمسك بالسلطة، وأنها مستعدة لتسليم إدارة القطاع إلى "لجنة الإسناد المجتمعي" أو أي هيئة توافقية يتم الاتفاق عليها، في إطار إعادة بناء العلاقات الوطنية الفلسطينية الداخلية.
وكشفت المصادر أن الحركة لم تعترض، خلال الأيام الأخيرة، على فكرة أن يتولى وزير من حكومة محمد مصطفى رئاسة هذه اللجنة، على أن يكون له نائب من سكان غزة يتم التوافق عليه بين الفصائل، بما في ذلك حركة "فتح"، بحيث تتولى اللجنة مسؤولية إدارة شؤون السكان في القطاع.
ويظل ملف اليوم التالي للحرب، وتحديدًا مسألة الحكم في قطاع غزة، أحد أبرز العقبات أمام أي اتفاق محتمل، حيث تصر إسرائيل على استبعاد "حماس" من المشهد السياسي، وتسعى إلى فرض مخطط يهدف إلى ترحيل قياداتها إلى خارج القطاع، وهو ما ترفضه الحركة بشكل قاطع.
من جانبها، تواصل الولايات المتحدة مشاوراتها مع عدد من الدول العربية بشأن المقترح المصري الذي أقرته القمة العربية مؤخرًا، والذي يتناول مستقبل غزة، مع التأكيد على إعادة إعمار القطاع دون اللجوء إلى تهجير سكانه.