كشفت صحيفة "ذا إندبندنت" البريطانية في تحقيق صحفي عن الانتهاكات الوحشية التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون داخل السجون الإسرائيلية، حيث يتم إخضاعهم لأساليب تعذيب قاسية تشمل التقييد والضرب والطعن والصعق بالكهرباء، بالإضافة إلى الاعتداءات الجنسية.
وكانت الأمم المتحدة قد اتهمت، في وقت سابق من هذا الشهر، الجيش الإسرائيلي باستخدام العنف الجنسي كأداة حرب، مشيرة إلى أن هذه الممارسات تشمل الاعتداءات على الأعضاء التناسلية والاغتصاب، وتم تنفيذها إما بأوامر صريحة أو بتشجيع ضمني من القيادة السياسية والعسكرية في إسرائيل، ومع ذلك، رفضت الحكومة الإسرائيلية التعاون مع تحقيق الأمم المتحدة، متهمة القائمين عليه بالتحيز.
اقرأ أيضًا:
- أحد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم يروي ظروف اعتقاله وأساليب التعذيب داخل سجون الاحتلال
- أسرى محررون يكشفون الانتهاكات داخل سجون الاحتلال (فيديو)
الاعتقالات الجماعية وتصاعد الانتهاكات
مع انهيار وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، ازداد تسليط الضوء على الاعتقالات الجماعية التي تنفذها قوات الاحتلال بحق الفلسطينيين، وتشير التقديرات إلى أن عدد المعتقلين الفلسطينيين تضاعف خلال الأشهر الماضية ليصل إلى حوالي 10,000 أسير، حيث يتم احتجاز العديد منهم في عزلة تامة عن العالم الخارجي دون تهم رسمية، وبعضهم أُفرج عنه ليعاد اعتقاله مجددًا.
ووفقًا لتحقيق "ذا إندبندنت"، فقد تم جمع أدلة من تقارير تشريح الجثث، وشهادات المعتقلين، ووثائق عسكرية إسرائيلية، كشفت جميعها عن حجم الفظائع التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيون.
وأفاد الأسرى الذين تم الإفراج عنهم بتعرضهم لعدة أشكال من التعذيب، بما في ذلك: الاعتداء الجسدي العنيف، الحرمان القاسي من النوم، العنف الجنسي، والإهمال الطبي المتعمد.
كما كشف تقرير تشريح جثة لأحد المعتقلين الذين لقوا حتفهم أثناء الاحتجاز، عن آثار قيود شديدة وتعذيب عنيف، مما أدى إلى نزيف دماغي قاتل.
لائحة اتهام ضد الجنود الإسرائيليين
استند التحقيق إلى وثائق عسكرية إسرائيلية، تضمنت لائحة اتهام رسمية قدمها جيش الاحتلال ضد بعض جنوده في إحدى قضايا التعذيب، وأبرز ما جاء في اللائحة:
- احتجز أسير فلسطيني في قاعدة عسكرية بجنوب إسرائيل، حيث تعرض للضرب والركل على أيدي خمسة جنود احتياطيين كما تم استخدام الكلاب لترهيبه.
- تعرض المعتقل للصعق بالكهرباء والطعن بأدوات حادة مما أدى إلى إصابته بثقب في الرئة، وكسور في الأضلاع، وتمزق في المستقيم، استدعى إجراء عملية جراحية عاجلة.
- وجهت للجنود تهم التسبب في إصابات خطيرة وإساءة المعاملة في ظروف مشددة.
تشريح جثث المعتقلين يكشف حجم الانتهاكات
في تقرير تشريح أحد الأسرى الفلسطينيين، الذي توفي في سجن "مجدو" شمال إسرائيل في نوفمبر 2023، وجدت كدمات شديدة على الصدر والأضلاع والذراعين والفخذ والرقبة، مما يشير إلى تعرضه لتعذيب متواصل.
وفي حالة أخرى، توفي أسير فلسطيني يبلغ 45 عامًا في سجن "كيشون" شمال إسرائيل في ديسمبر 2024، وأظهر التشريح أنه تعرض لضرب مبرح أدى إلى نزيف داخلي في الجمجمة، إلى جانب تورم في الساق وعلامات قيود شديدة على المعصمين والكاحلين.
ووفقًا لطبيب إسرائيلي أشرف على تشريح العديد من جثث الأسرى لصالح عائلاتهم، فإن ما يتم الكشف عنه هو مجرد "غيض من فيض"، ما يشير إلى وجود ممارسات تعذيب أوسع نطاقًا لا يتم توثيقها بالكامل.
مراكز التعذيب
تتركز أغلب الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين في منشأتين رئيسيتين للاحتجاز: مركز احتجاز جديد داخل سجن "عوفر" في الضفة الغربية، وقاعدة "سدي تيمان" العسكرية جنوب إسرائيل، وفي شهادة لأحد حراس سجن "سدي تيمان"، أكد أن هناك ضغوطًا على الجنود لاستخدام العنف ضد الأسرى الفلسطينيين، مضيفًا أن بعض الجنود كانوا يبحثون عن فرص لضرب المعتقلين.
وقال الحارس إنه حين حاول الاعتراض على تعذيب أحد الأسرى، قيل له: "اصمت، هؤلاء فلسطينيون، إنهم إرهابيون، يجب ضربهم".
كما أشار التحقيق إلى وجود غرفة تعذيب خاصة داخل سجن "سدي تيمان" يُطلق عليها "الديسكو"، حيث يتم إجبار المعتقلين على البقاء فيها لعدة ليالٍ متواصلة مع تشغيل موسيقى صاخبة لتعذيبهم نفسيًا.