تواجه حركة "حماس" تحديات كبرى في إعادة ترتيب أوضاعها الداخلية، خاصة بعد عمليات الاغتيال التي استهدفت قيادات بارزة داخل وخارج غزة، بما في ذلك المسؤولون عن الملفات السياسية والعسكرية والإدارية.
فراغ إداري
وفي فترة وقف إطلاق النار التي استمرت نحو 58 يومًا قبل انهيارها في مارس الماضي، عملت "حماس" في غزة على إعادة هيكلة تنظيمها الداخلي عبر تكليف قيادات جديدة لتولي المهام الأساسية، وساد اتجاه نحو إجراء انتخابات داخلية سريعة لتثبيت خليل الحية في رئاسة المكتب السياسي بغزة، باعتباره نائبًا لرئيس المكتب السابق يحيى السنوار، الذي قتل خلال معارك في رفح في أكتوبر 2024.
في ظل وجود "الحية" في قطر وتنقله بين مصر وتركيا ودول أخرى، حاول بصفته رئيس وفد "حماس" لمفاوضات وقف إطلاق النار، إدارة الأوضاع داخل القطاع بالتنسيق مع قيادات مثل محمد الجماصي، وياسر حرب، وإسماعيل برهوم، وعصام الدعاليس، إلا أن هذه الأسماء السابقة تعرضت لسلسلة اغتيالات بعد استئناف إسرائيل لعملياتها العسكرية، مما عمق أزمة القيادة داخل "حماس".
والجدير بالإشارة أن هذه الأزمة أنعكست على تأخير صرف رواتب الموظفين الحكوميين التابعين للحركة، بينما صُرفت رواتب العناصر السياسية والعسكرية بنسبة لم تتجاوز 60% في ثاني أيام عيد الفطر، وتشير مصادر إلى أن هذا التأخير ناجم عن الفراغ الإداري وصعوبة اتخاذ القرارات بسبب الملاحقة الإسرائيلية المستمرة.
كيف تدار "حماس"؟
ويشار إلى أن قيادة "حماس" لطالما تولت في غزة الملفات الرئيسية داخل المكتب السياسي، إلا أن موجة الاغتيالات الأخيرة دفعت الحركة إلى إعادة تشكيل هيكلها القيادي، وبعد اغتيال إسماعيل هنية في طهران في يوليو 2024، ثم اغتيال خليفته يحيى السنوار بعد ثلاثة أشهر في غزة، لجأت الحركة إلى تشكيل "المجلس القيادي" لسد الفراغ الحاصل.
وقبل الحرب، كان القرار يتخذ بإجماع المكتب السياسي مع أفضلية لرئيسه ونائبه ورئيس مكتبي الضفة والخارج، ولكن الآن، فأصبح "المجلس القيادي" - المكون من رؤساء الأقاليم وأعضاء بارزين - هو المسؤول عن اتخاذ القرارات بالتشاور مع بقية أعضاء المكتب السياسي عند الضرورة.
وحاليًا "المجلس القيادي" بقيادة محمد درويش، رئيس مجلس شورى "حماس"، بعد اغتيال أسامة المزيني في ضربة جوية إسرائيلية في أكتوبر 2023، وبالرغم من عدم وضوح العدد الدقيق لأعضائه، تقدر المصادر أنه يضم ما بين 5 إلى 7 أفراد، مقارنة بأكثر من 20 عضوًا في المكتب السياسي.
صنع القرار في ظل التحديات
وفي ظل الظروف الأمنية والملاحقات الإسرائيلية، عادت "حماس" إلى اتخاذ القرارات عبر "المجلس القيادي"، دون الرجوع إلى القيادة في غزة إلا في الحالات الطارئة، وعلى الرغم من اعتماد هذه الصيغة لفترة قصيرة خلال الحرب، فإن استئناف الحرب على غزة والاغتيالات أعادت الأمور إلى ما كانت عليه سابقًا.
وفي السياق ذاته، لا يزال هناك قضايا لا يمكن حسمها دون توافق كامل، مثل مفاوضات وقف إطلاق النار، التي تتطلب العودة إلى القيادة في غزة، وخاصة المجلس العسكري لـ"كتائب القسام"، بقيادة محمد السنوار - شقيق يحيى السنوار - الذي يدير العمليات العسكرية بعد اغتيال محمد الضيف ونائبه مروان عيسى.
معوقات التواصل وتأثيرها على المفاوضات
ومن أهم التحديات التي تواجه "حماس" حاليًا هو صعوبة الاتصالات بين قيادات الداخل والخارج بسبب الظروف الأمنية والملاحقات المستمرة، هذا الأمر يؤثر على سير المفاوضات مع الوسطاء، حيث يؤدي تأخير التواصل أحيانًا إلى تعثر المباحثات.
ومع ذلك، تؤكد المصادر أن التعنت الإسرائيلي هو العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق، حيث ترفض تل أبيب التعاطي بإيجابية مع المقترحات المقدمة من الوسطاء.