زيارة إنسانية بلغة السياسة: السيسي وماكرون في قلب معاناة غزة

السيسي وماكرون في مستشفى العريش
السيسي وماكرون في مستشفى العريش

في مشهد حمل الكثير من الرمزية والرسائل الإنسانية والسياسية في آن واحد، قام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي برفقة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بزيارة لعدد من الجرحى الفلسطينيين الذين تم نقلهم من قطاع غزة لتلقي العلاج في المستشفيات المصرية، وذلك تزامنًا مع مشاركة ماكرون في "قمة دعم غزة" التي أقيمت في العاصمة الإدارية الجديدة.

صورة تتكلم بصوت المعاناة

لم تكن الزيارة مجرد إجراء بروتوكولي، بل بدت كما لو أنها مشهد محكم الإخراج تتكلم فيه الصور أكثر من الكلمات، حيث وقف السيسي وماكرون أمام الجرحى الفلسطينيين، بينما كانت الكاميرات تنقل ملامح الألم على وجوه المصابين، في لحظات صامتة نطقت بكل ما لا يمكن التعبير عنه. 

اقرأ أيضًا:

وصف أحد المعلقين هذه اللحظة بكلمات معبرة: "أنا مش هشرحلك… أنا هعيشك الواقع"، في إشارة إلى الطريقة التي اختار بها الرئيس المصري إيصال رسالته الإنسانية للعالم.

رسالة سياسية بغطاء إنساني

هذه الزيارة لم تمر مرور الكرام، بل التقطها مراقبون ومحللون على أنها جزء من استراتيجية دبلوماسية ناعمة، تهدف إلى تسليط الضوء على معاناة أهل غزة، ولكن من زاوية إنسانية مؤثرة، فمصر، التي لطالما لعبت دور الوسيط في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، أرادت من خلال هذه اللحظات المؤثرة أن تظهر موقفها الداعم للفلسطينيين، وأن تحرك الرأي العام الغربي والدولي نحو مزيد من التعاطف والمطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي.

ماكرون يتأثر والمشهد يتحدث

وأظهرت مقاطع الفيديو والصور التي تم تداولها بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، ماكرون متأثرًا للغاية بقصص المصابين، حيث بدت انفعالات وجهه واضحة أثناء استماعه لروايات الجرحى، حتى أن بعض المتابعين لاحظوا أن ماكرون دخل في تفاصيل دقيقة جدًا، لا يتطرق لها عادة رؤساء الدول في مثل هذه الزيارات، من قبيل عدد الشهداء في كل أسرة، وكيف استشهدوا، هل كان القصف من المدفعية أم من الطيران، وأين وقعت الحادثة تحديدًا؟

السيسي يتفاعل بلمسة إنسانية

وخلال الزيارة، أظهر الرئيس السيسي تفاعلًا إنسانيًا صادقًا، خصوصًا في حواره مع أحد الأطفال الفلسطينيين، الطفل معاذ، الذي عبر عن أمله في العودة إلى غزة والمشاركة في إعادة إعمارها. 

لم تكن كلمات الطفل عادية، بل بدت وكأنها صوت جيل بأكمله يحمل في قلبه الإصرار على البقاء والحياة رغم كل شيء، وهنا، رد السيسي عليه بكلمات مؤثرة: "لا تنسانا من دعائك… أنا بفكرك"، وهي عبارة عكست عمق التواصل الإنساني والروحي بينه وبين هؤلاء المتألمين.

يوم تاريخي

من جانبه، وصف اللواء خالد مجاور، محافظ شمال سيناء، هذا اليوم بأنه "يوم تاريخي ومشهود في تاريخ شمال سيناء ومصر كلها"، وأكد أن الجولة لم تكن عادية، بل حملت طابعًا خاصًا من التفاعل الإنساني والتقدير لمعاناة الأشقاء الفلسطينيين.

وروى مجاور أن ماكرون تأثر كثيرًا بقصة سيدة فلسطينية ترافق ابنتها المصابة بإصابة خطيرة في العمود الفقري، وقالت أمامه: "كل أملي مش بس إنها تشفى، أنا نفسي نرجع، حتى لو قعدونا في خيمة أو في الهوا، بس ما نسيبش بلدنا"، هذه الكلمات كان لها وقع واضح على الرئيس الفرنسي، الذي تأثر بتفاصيل المأساة التي تحياها العائلات الفلسطينية.

ولم يخفي المرضى والجرحى الفلسطينيون المتواجدون في مستشفيات العريش المصرية، رغبتهم القوية في العودة إلى وطنهم رغم الخراب والدمار، مؤكدين أن تمسكهم بتراب وطنهم لا يتغير، حتى لو كانت العودة محفوفة بالمخاطر أو إلى بيوت مهدمة. 

جسد هذا الإصرار حجم المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون، لكنه في ذات الوقت أظهر قوة الإرادة الفلسطينية في مواجهة التهجير والاقتلاع.

صورة أقوى من ألف بيان

وصفت الزيارة برمتها بأنها أقوى من أي خطاب أو تصريح دبلوماسي، حيث بدت كما لو أنها ترجمة حية لموقف مصر الثابت في دعم القضية الفلسطينية، بعيدًا عن التعقيدات السياسية، عبر مشاهد إنسانية مؤثرة تحمل رسائل ضمنية للمجتمع الدولي بأن معاناة غزة لم تعد تحتمل المزيد من الصمت.

وكان التفاعل الشعبي مع الفيديوهات التي ظهرت كبيرًا، وظهرت حالة من التعاطف والتأييد سواء في مصر أو في الأوساط العربية، حيث تساءل الكثيرون: "هل لا يزال العالم يحتاج إلى مزيد من هذه المشاهد المأساوية حتى يغير موقفه؟".

كما شهدت محافظة شمال سيناء مظاهرات شعبية، شارك فيها آلاف المواطنين رفضًا لسياسات التهجير ودعمًا لأهالي غزة، فيما اعتبره المسؤولون هناك تأكيدًا على أن القضية الفلسطينية ستظل حاضرة في وجدان الشعب المصري.

وكالات