كشفت صحيفة واشنطن بوست في تقرير استقصائي أن القصف الذي استهدف مقرًا تابعًا للأمم المتحدة في قطاع غزة بتاريخ 19 مارس، وأسفر عن مقتل موظف إغاثة أوروبي وإصابة خمسة آخرين، ناتج على الأرجح عن قذيفتي دبابة أطلقتا من قبل الجيش الإسرائيلي.
واستند التقرير إلى تحليل صور ومقاطع فيديو من موقع القصف، أجري على يد ثلاثة خبراء ذخيرة من الولايات المتحدة وبريطانيا، وتوصلوا إلى أن الأضرار تتطابق مع قذائف من طراز "M339" الشديدة الانفجار والتي تطلق من دبابات ميركافا الإسرائيلية.
اقرأ أيضًا:
- بـ 4 مطالب.. إسرائيل تعلن عن موقفها النهائي بشأن برنامج إيران النووي
- بعد شهور من الحرب… رئيس الأركان يكشف حقيقة مرعبة عن غزة ما علاقة حماس؟
تفاصيل الواقعة
وكان موظفو مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع قد وصلوا صباح يوم الهجوم إلى دار الضيافة الواقعة وسط مدينة غزة لتفقد آثار قصف سابق، وحين تواجدهم في فناء المبنى، انفجرت قذيفة في الهواء مما أسفر عن مقتل العامل البلغاري مارين مارينوف (51 عامًا) وإصابة خمسة موظفين دوليين، أحدهم بريطاني.
وبعد أقل من دقيقتين، ضربت قذيفة ثانية الطابق الثاني من المبنى، محدثة دمارًا أوسع، وأظهرت لقطات من موقع الحادث الضحايا ممددين وسط الدماء، مع دمار في البنية التحتية المحيطة مثل سقوط أعمدة كهربائية واقتلاع أشجار.
وكشفت صور الأقمار الصناعية الملتقطة قبل القصف بيوم عن وجود دبابة ميركافا وثلاث عربات مدرعة إسرائيلية على بعد أقل من ثلاثة كيلومترات من المبنى، وهو ما عزز من فرضية مسؤولية الجيش الإسرائيلي عن القصف.
وأشار أفيهاي ستولار، الباحث في منظمة "كسر الصمت"، إلى أن استخدام هذا النوع من القذائف يدل على نية واضحة لاستهداف الأشخاص داخل الأبنية وليس على ضربة عشوائية أو خاطئة، كما أكد أن دار الضيافة كان موقعًا معروفًا وآمنًا تستضيف فيه الأمم المتحدة مسؤوليها الكبار، ما يجعل فرضية الخطأ مستبعدة.
تعليق جيش الاحتلال
من جانبه، نفى الجيش الإسرائيلي مسؤوليته عن استهداف مقر الأمم المتحدة، داعيًا وسائل الإعلام إلى الحذر من "معلومات غير مؤكدة"، دون أن يجيب عن تساؤلات مباشرة حول الحادث.
لكن الأمم المتحدة أكدت أنها أبلغت الجيش الإسرائيلي بموقع دار الضيافة عدة مرات، وأعادت التأكيد على وضعه كموقع محمي قبل ساعات فقط من القصف، بحسب ما صرح به المتحدث باسمها ستيفان دوجاريك، الذي طالب بتحقيق ومحاسبة المسؤولين عن القرار سواء تم الهجوم عمدًا أم بسبب خطأ.
وأثار الهجوم موجة قلق داخل المجتمع الدولي، خاصة وأن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية تواجه صعوبات متزايدة في غزة، مع تكرار الهجمات على العاملين في المجال الإغاثي.
وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن أكثر من 280 من موظفيها قتلوا في القطاع منذ بدء الحرب في 7 أكتوبر 2023، على الرغم من تزويد إسرائيل بإحداثيات مواقعهم لتجنب استهدافهم، وقد أدى الحادث الأخير إلى إجلاء نحو ثلث أفراد بعثات الأمم المتحدة العاملة مؤقتًا في غزة لعدم القدرة على ضمان سلامتهم.