بقلم: ميسون كحيل
تتسارع التصريحات الدولية، وتتقاطع المبادرات الإقليمية، وتتكاثر التسريبات الدبلوماسية حول "الهدنة" و"وقف الحرب" و"الترتيبات ما بعد المعركة"، بينما يزداد المشهد في غزة قتامة، ويُترك الناس يواجهون الإبادة دون غطاء أو أمل واضح.
تتردد الأسئلة على كل لسان في غزة؛ إلى أين نتجه؟ ماذا سيحدث؟ ماذا علينا أن نفعل؟ لكن لا أحد يملك إجابة صادقة أو شافية. نحن نسير في نفق طويل لا يُرى له مخرج، نحو مستقبل غير معروف، والمجهول لم يكن يومًا بهذا القدر من الرعب.
اليمين الإسرائيلي المتطرف يدرك جيدًا أنه أمام فرصة تاريخية لا تعوّض. فمع إدارة أمريكية مشاركة، ووضع عربي في أسوأ حالاته، تتشكل ملامح مرحلة جديدة يُعاد فيها رسم خريطة فلسطين على أجساد أطفالها، وتُفرض فيها حلول لا تحمل من الحلول إلا الاسم.
ووسط كل هذا الخراب، تغيب القيادات الفلسطينية، أو تتوارى خلف بيانات مكررة وخطابات لا تُسمن ولا تُغني من جوع. لا أحد يثبت الناس. لا أحد يطمئنهم. لا أحد يقول لهم أنتم لستم وحدكم.
الناس في غزة لا يملكون سوى الحياة كخيار وحيد. يستيقظون كل صباح وهم لا يعرفون إن كانوا سيبقون حتى المساء، ورغم ذلك يستمرون. يرون نساءهم وأطفالهم وكبارهم يسقطون أمام أعينهم، دون قدرة على الرد أو حتى الحزن كما يليق بالشهداء. كل ما يملكونه هو الأمل، وبصيص النور، والإيمان بأن هذه الإبادة لا بد أن تنتهي.
ربما لا يوجد اليوم ما يمكن أن نعزي به أنفسنا، سوى أن نتمسك بإرث الأرض والإيمان بالحق. وربما، كما حدث قبل أكثر من ألفي عام، سيأتي النور من قلب الظلام. ففي أسبوع القيامة وُلدت قيامة جديدة. واليوم، في غزة، كل حجر وكل شجرة وكل طفل هو قيامة في وجه الموت.
لا نطلب الكثير، فقط أن نعيش. أن ننجو. أن نُدفن شهداءنا بكرامة. وأن نحلم. وأن يأتي الفرج، قريبًا، على هيئة نورٍ يبدد هذا الظلم الثقيل.
كاتم الصوت: شامخة كجبال عيبال وجرزيم، فيها من الصدق ما يفضح الزيف، ومن الثبات ما يُربك المنافقين. نستلهم منها النور لنواصل الصمود، ونوقن أن طريق الحق، مهما طال، لا بد أن ينتصر.
تحية وسلام إليكِ يا سيدة الحق والإنسانية، يا من تختصرين الوطن والكرامة في ملامحك وصوتك وصمودك.
كلام في سرك :مفاوضات.. أرسلوا المقترح، استلموا المقترح، يدرسون المقترح... رايح جاي وجاي رايح. وأهل غزة أعناقهم معلقة في السماء، لعل وعسى، والأمل في وجه الله فقط.
رسالة: شعب فلسطين لن ينسى دوركم في معاناته. لأجل أنفسكم حرقتم الوطن وجعلتم من أطفاله وقودًا للمحرقة. إن حظيرة خنزير أطهر من أطهركم.