هدنة طويلة.. تفاصيل مقترح جديد قدمته حماس إلى الوسيط الجديد 

مفاوضات وقف إطلاق النار
مفاوضات وقف إطلاق النار

كشفت صحيفة "القدس"، صباح اليوم الإثنين، تفاصيل مبادرة قدمتها حركة "حماس" خلال زيارتها الأخيرة إلى العاصمة المصرية القاهرة، حيث أجرى وفد من الحركة سلسلة مباحثات وصفت بأنها بالغة الأهمية مع الوسيط المصري.

وبحسب ما نقلته الصحيفة عن مصادر مطلعة، فقد استمرت اجتماعات وفد "حماس" مع المسؤولين المصريين لأكثر من عشر ساعات متواصلة، وتركزت حول مناقشة الردود الإسرائيلية على المبادرة التي طرحتها الحركة قبل أيام للوسيطين المصري والقطري. 

مقترح حماس 

وتتضمن هذه المبادرة مقترحًا لوقف شامل للعمليات العسكرية وتبادل الأسرى، مع تحقيق انسحاب إسرائيلي كامل من قطاع غزة، إلى جانب رفع الحصار بشكل كامل، وبدء عملية إعادة الإعمار، وتفعيل اللجنة المجتمعية المستقلة التي تم الاتفاق سابقًا على أن تتولى إدارة شؤون القطاع.

اقرأ أيضًا:

ووفق ذات المصادر، عرضت "حماس" ضمن رؤيتها الجديدة التوقيع على هدنة طويلة الأمد تتراوح بين خمس إلى عشر سنوات، على أن تحظى بضمانات إقليمية ودولية قوية لضمان تنفيذ الالتزامات المتبادلة.

وتنص المبادرة المقدمة من الحركة على عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الثاني من مارس 2025، بما يشمل وقف العمليات العسكرية بشكل كامل، وانسحاب الجيش الإسرائيلي إلى مواقعه التي كان عليها بموجب اتفاق 17 يناير 2025، مع استئناف دخول المساعدات الإنسانية بحسب البروتوكول الإنساني الموقع مسبقًا.

ويُذكر أن الرؤية التي طرحتها "حماس" تتماشى مع الخطاب الذي ألقاه القيادي في الحركة خليل الحية في 17 أبريل الجاري، والذي أعلن خلاله استعداد الحركة لخوض مفاوضات شاملة تشمل جميع القضايا، مع رفضها القاطع لأي اتفاقيات جزئية اعتبر أنها تستخدم كغطاء سياسي من قبل الحكومة الإسرائيلية لاستمرار الحرب وسياسة الإبادة والتجويع بحق الفلسطينيين، حتى لو كان الثمن التضحية بجميع الأسرى الإسرائيليين.

مقترح جديد

وكان قد طرح أمام "حماس" خلال الأسابيع الماضية مقترح بديل قصير الأمد مدته 45 يومًا، يهدف إلى التمهيد لمفاوضات حول وقف دائم لإطلاق النار، غير أن هذا العرض، بحسب المصادر، ألغى جوانب أساسية من الاتفاق الأصلي المبرم في يناير الماضي والذي ينص على الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية ووقف إطلاق النار الشامل.

وتضمن المقترح الجديد، الذي قدمه الوسطاء إلى "حماس"، تغييرات جذرية لم تلق قبول الحركة، أبرزها شرط نزع سلاحها في غزة، وترحيل قيادتها العسكرية المتبقية إلى الخارج. 

وحسب نص المقترح، فإنه بمجرد توقيع الاتفاق، ستوقف إسرائيل هجماتها العسكرية وتحليق طائراتها فوق القطاع، مقابل إفراج "حماس" عن الجندي الإسرائيلي الأمريكي المزدوج الجنسية عيدان ألكسندر كبادرة حسن نية تجاه الولايات المتحدة.

وفي اليوم التالي لتوقيع الاتفاق، يفترض أن تفرج "حماس" عن خمسة أسرى إسرائيليين مقابل الإفراج عن 66 أسيرًا فلسطينيًا محكومين بالسجن المؤبد و611 معتقلاً آخرين تم احتجازهم خلال العمليات الأخيرة في غزة، على أن تتم عمليات الإفراج بشكل متزامن دون إقامة مظاهر احتفالية أو استعراضات عسكرية.

وبعد هذا التبادل الأولي، من المفترض أن يبدأ الجيش الإسرائيلي بسحب قواته من مدينتي رفح وشمال غزة، ومع ذلك، ووفقًا للمقترح الجديد، لن تعود القوات الإسرائيلية إلى مواقعها قبل 2 مارس كما ينص الاتفاق الأصلي، بل ستبقى متمركزة في مواقع مختلفة داخل القطاع دون تحديد جدول زمني للانسحاب الكامل.

كما ينص المقترح على أن ترفع إسرائيل الحصار الشامل عن القطاع في اليوم الثاني من الاتفاق، وتستأنف تدفق المساعدات الإنسانية وفقًا للبروتوكول الإنساني المتفق عليه سابقًا، بما يشمل إرسال معدات ومستلزمات ضرورية لإنشاء ملاجئ للنازحين.

وفي اليوم الثالث، تبدأ مفاوضات برعاية الولايات المتحدة ومصر وقطر حول الترتيبات اللازمة لوقف إطلاق النار الدائم، على أن تستكمل هذه المفاوضات خلال مدة لا تتجاوز 45 يومًا مع إمكانية تمديدها بشرط تبادل المزيد من الأسرى. 

وبنهاية هذه المدة، يتعين إعادة جميع الأسرى الإسرائيليين المتبقين، أحياءً وأمواتًا، إلى إسرائيل، مقابل إطلاق سراح عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين.

وقف دائم لإطلاق النار 

وأكدت مسودة الاتفاق أن الوسطاء الثلاثة سيبذلون قصارى جهدهم لضمان إنجاز مفاوضات ترتيبات وقف إطلاق النار الدائم، بما يتماشى مع التزامهم بتحقيق هذا الهدف.

ورغم هذا التحرك، تبقى العقبة الأساسية متمثلة في إصرار "حماس" على اتفاق الرزمة الشاملة الذي يحقق وقفًا كاملاً ودائمًا للحرب، مع انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة، مقابل مقترح إسرائيلي يهدف إلى فرض نزع سلاح المقاومة ونفي قادتها العسكريين إلى الخارج، مع إبقاء قوات الاحتلال متمركزة داخل القطاع لفترة غير محددة.

وجدير بالذكر أن اتفاق وقف إطلاق النار الأصلي الموقع في 17 يناير نص بوضوح على انسحاب كامل للقوات الإسرائيلية خلال المرحلة الثانية، في حين أن المقترح الجديد يتحدث فقط عن إعادة انتشار للقوات ضمن "محيط أمني" متفق عليه.

وأعادت "حماس" تأكيد التزامها باتفاق يناير، رافضة في الوقت نفسه أي محاولات إسرائيلية لفرض شروط جديدة أو تغيير مضمون الاتفاق الأصلي، ومع ذلك، أبدت الحركة استعدادها لدراسة اتفاق مؤقت بشرط أن يؤدي حتماً إلى العودة إلى الاتفاق الأصلي الشامل.

قضايا معقدة

ومن بين القضايا الأكثر تعقيدًا وإثارة للجدل في المقترح الجديد مسألة نزع سلاح الفصائل الفلسطينية في غزة، وهو مطلب إسرائيلي قوبل برفض قاطع من "حماس"، التي أكدت أنها لن تتخلى عن سلاحها قبل تحقيق الهدف الأكبر المتمثل في إقامة الدولة الفلسطينية وتشكيل جيش وطني ينضوي تحت لوائه جميع الأجنحة العسكرية للمقاومة.

وفي المقابل، تصر إسرائيل على أن وقف الحرب وإنهاء العدوان على غزة مشروطان باستسلام حماس ونزع سلاحها الكامل ونفي قادتها العسكريين.

تجدر الإشارة إلى أن محادثات وفد "حماس" في القاهرة جاءت بعد أيام قليلة من اجتماعات أجراها رئيس الوزراء القطري ووزير الخارجية القطري مع كبار المسؤولين الأميركيين، بما في ذلك وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، في العاصمة واشنطن.

وبحسب مصدر مصري رفيع مطلع على سير المباحثات، فإن الاقتراح الذي قدم مؤخراً إلى "حماس" لا يختلف كثيرًا عن المقترح الذي وافقت عليه الحركة في 29 مارس الماضي، ورفضته إسرائيل لاحقًا.

واختتم المصدر المصري حديثه بالتأكيد أن العراقيل الرئيسية التي تحول دون التوصل لاتفاق نهائي ما زالت تتمثل في شروط إسرائيل الجديدة، وعلى رأسها مسألة نزع السلاح وغياب جدول زمني واضح للانسحاب الكامل، وهو ما يلقى معارضة شديدة من جانب مفاوضي "حماس"، مما يجعل المفاوضات تراوح مكانها بين إصرار الحركة على الاتفاق الشامل والهدنة الطويلة، وبين المحاولات الإسرائيلية لتجزئة الحل وفرض شروط قسرية تضمن بقاء السيطرة الإسرائيلية على غزة لفترة أطول.

صحيفة القدس