نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية، اليوم الثلاثاء، تقريرًا موسعًا كشفت فيه عن تفاصيل واحدة من أعنف وأصعب المواجهات التي خاضها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة منذ استئناف العمليات العسكرية في 18 مارس الماضي.
ووصفت الصحيفة هذه المعركة، التي وقعت في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، بأنها "الأعقد والأشد" منذ انطلاق الجولة الجديدة من القتال.
اقرأ أيضًا:
- مصادر عسكرية تكشف تفاصيل جديدة حول كمين شمال غزة
- لحظة استهداف قوة إسرائيلية في كمين نفذته كتائب القسام شرق بيت حانون (فيديو)
تفاصيل المعركة
وفقًا للتقرير، بدأت الاشتباكات العنيفة عصر يوم الجمعة، وتحديدًا عند الساعة الرابعة، حين قُتلت المجندة نيتاع يتسحاق كاهانا، إحدى عناصر وحدة "المستعربين"، خلال اشتباك ميداني وقع في منطقة مليئة بالأنفاق والركام، مما أدى لاحقًا إلى مقتل ضابط المدرعات النقيب إيدو فولوخ بعد أكثر من ساعتين من القتال المحتدم.
وأشارت الصحيفة إلى أن مقاتلي كتائب القسام نصبوا كمينًا محكمًا لوحدات الاحتلال، حيث ظهرت خلايا مسلحة واحدة تلو الأخرى وهاجمت قوات من مشاة البحرية وقوات الاحتياط من اللواء 16، وسط تضاريس معقدة وأبنية مدمرة. ودار الاشتباك على بعد نحو 1.5 كيلومتر من السياج الحدودي، في موقع استراتيجي قرب تلة "المنطار" المشرفة على مستوطنات مثل ناحال عوز وكفار غزة.
وبعد انتهاء القتال، رفع جيش الاحتلال علمه على أعلى التلة في إعلان عن "فرض السيطرة" على ما يسميه "المنطقة الأمنية الجديدة" داخل أراضي القطاع.
وفي تفاصيل أدق، ذكرت الصحيفة أن جنود وحدة المستعربين كانوا في كمين معدّ مسبقًا حين خرج مسلحون فلسطينيون، على ما يبدو من فتحة تحت الأرض، وفتحوا النار بشكل مباشر على مقدمة القوة الإسرائيلية، وتولت المجندة نيتاع إطلاق النار لحماية زملائها، إلا أنها أصيبت إصابة قاتلة في الرأس أثناء الاشتباك.
عملية الإخلاء
وشاركت في عملية الإخلاء قوة كبيرة بحجم كتيبة، تضم ست دبابات ومجموعة إنقاذ تحت وابل من نيران المقاومة، التي استخدمت صواريخ موجهة مضادة للدروع ونيرانًا كثيفة على خطوط الإمداد والإخلاء.
وأشار التقرير إلى أن وحدات المقاومة أظهرت مستوى متقدمًا من التنظيم والتخطيط الميداني، ما يدل على استمرار قدراتهم القتالية رغم القصف المكثف والمناورات السابقة.
وبحسب التحقيقات الأولية، تمكنت قوة الإنقاذ خلال أقل من أربع دقائق من إجلاء جندي بحري مصاب إصابة حرجة برفقة طبيب ميداني، إلا أنه توفي بعد وقت قصير جدًا من الإصابة.
ورغم صعوبة الأوضاع، لم تتوقف المعركة عند هذا الحد، إذ تكشّف أن حماس كانت قد أعدت كمينًا متقنًا مؤلفًا من عدة مجموعات مسلحة استخدمت صواريخ متتالية وأسلحة رشاشة، مستهدفة قوات الاحتلال في نقاط متعددة، في منطقة ظنّت إسرائيل أنها "مؤمنة" بعد أكثر من عام من العمليات.
ورغم إعلان الجيش الإسرائيلي والشاباك في وقت سابق عن مقتل القائد الخامس لكتيبة الشجاعية، إلا أن حجم التنسيق والسيطرة في هذه المعركة أظهر وجود بنية قيادة فعالة لدى المقاومة.
وأسفرت المواجهات، بحسب ما أفاد به جيش الاحتلال، عن مقتل تسعة مقاومين فلسطينيين، بينما ردّ سلاح الجو الإسرائيلي بإطلاق أكثر من 340 قذيفة و12 صاروخًا على مناطق الاشتباك.
استمرار التحقيقات
وتطرقت الصحيفة إلى موقف بطولي نسبته لبعض الجنود الإسرائيليين، حيث واصل طاقم إحدى عربات "هامر" أداء مهمتهم رغم إصابة مركبتهم بصاروخ مضاد للدبابات، وقاموا بنقل الجرحى إلى عربة أخرى وسط تغطية نارية كثيفة من الدبابات، وأثناء هذه العملية، قتل النقيب إيدو فولوخ بصاروخ أصاب الدبابة التي كان يقودها خلال محاولات الإنقاذ.
ويواصل جيش الاحتلال حاليًا التحقيق في مجريات هذه المعركة، مع التركيز على قرارات الإخلاء وتوقيت التدخلات، وسط إشادات من القيادة الإسرائيلية بـ"رباطة جأش الجنود"، الذين خاضوا أربع جولات قتال في القطاع منذ بداية الحرب، رغم الإقرار بوقوع "أخطاء ميدانية" في إدارة الميدان خلال هذه المواجهة المعقدة.