كشفت صحيفة "هآرتس" العبرية، اليوم الأربعاء، أن الجيش الإسرائيلي بدأ فعليًا بتنفيذ حملة استدعاء واسعة لعشرات الآلاف من جنود الاحتياط، وذلك ضمن خطة عسكرية تهدف إلى توسيع نطاق العمليات العسكرية ضد قطاع غزة، بالإضافة إلى تحضيرات ميدانية لتنفيذ تحركات عسكرية موازية في كل من الضفة الغربية ولبنان وسوريا.
وبحسب ما أوردته الصحيفة، فإن الجنود الذين سيتم استدعاؤهم سيكلفون بالانتشار في الجبهات الشمالية والشرقية، وتحديدًا في سوريا ولبنان والضفة الغربية، ليحلوا محل القوات النظامية العاملة في تلك المناطق، والتي سيتم نقلها إلى داخل قطاع غزة، في ظل خطة توسيع الحرب هناك، وقد أُبلغ عدد من جنود الاحتياط المستدعين بأنهم مرشحون للمشاركة المباشرة في العمليات القتالية داخل غزة أيضًا.
اقرأ أيضًا:
- كاتس يتحدث عن المهمة العليا لإسرائيل خلال هذه الفترة ودرس 7 أكتوبر.. ماذا قال؟
- بالفيديو.. موكب نتنياهو يتعرض لحادث في قلب القدس
قلق بين اوساط الجنود
وأشارت "هآرتس" إلى أن العديد من هؤلاء الجنود سبق لهم أن خدموا خلال جولات سابقة منذ اندلاع الحرب الحالية في أكتوبر، وأنهم يتلقون الآن أوامر استدعاء جديدة دون أن يحدد لهم الجيش فترة زمنية واضحة لمهامهم المقبلة، مما يثير قلقًا واستياءً بين أوساط المجندين، لا سيما أن البعض منهم بات يشعر بالإرهاق الجسدي والنفسي.
وفي هذا السياق، أفادت الصحيفة بأن عددًا متزايدًا من الضباط والجنود، بمن فيهم بعض المجندات، أعربوا عن نيتهم عدم الاستجابة لأوامر الاستدعاء الحالية، حيث أشار بعضهم إلى أنهم بلغوا درجة من التعب تمنعهم من الاستمرار في أداء واجباتهم القتالية.
ويأتي هذا في وقت يستمر فيه الجيش الإسرائيلي بالترويج لمبرر توسيع المعارك في غزة، زاعمًا أن الهدف الأساسي من التصعيد هو استعادة الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى حركة حماس، وممارسة ضغط عسكري متزايد لدفع الحركة إلى العودة لطاولة المفاوضات.
خطط قتالية
لكن وعلى الرغم من استمرار جولات التفاوض غير المباشرة، التي تتضمن عروضًا لاتفاقات حول وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، إلا أن القيادة السياسية الإسرائيلية لا تزال ترفض تعليق العمليات القتالية، وتصر على الاستمرار في العمل العسكري كوسيلة للضغط.
وفي إطار التخطيط العسكري، قدم الجيش الإسرائيلي إلى المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابينيت) حزمة من الخطط القتالية التدريجية المخصصة لقطاع غزة، وتهدف إلى تكثيف العمليات الميدانية بشكل تصاعدي.
غير أن التقديرات داخل المؤسسة الأمنية تشير إلى أن توسيع رقعة العمليات قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة، بما في ذلك احتمالية المساس بالأسرى الإسرائيليين، فضلًا عن ارتفاع متوقع في عدد الضحايا بين صفوف الجنود.
وبموجب الخطط العسكرية الجديدة، يعتزم الجيش الإسرائيلي إخلاء منطقة "المواصي"، والتي تعد حاليًا منطقة إنسانية نزح إليها عدد كبير من الفلسطينيين الهاربين من مناطق القتال الأخرى في القطاع، ويزعم الجيش أن هذه المنطقة تحولت إلى ملاذ لعناصر حركة حماس، وأنه يجب إفراغها وإعادة تنظيم وجود المدنيين فيها.
وبديلًا عن "المواصي"، يبحث الجيش إمكانية إنشاء مخيم كبير في منطقة "تل السلطان" جنوب قطاع غزة، يكون مخصصًا للنازحين الفلسطينيين بعد إخضاعهم لعمليات تفتيش أمني دقيقة قبل دخولهم.
إدخال المساعدات
وفي موازاة هذه التحركات، أفادت الصحيفة بأن الجيش الإسرائيلي، بالتنسيق مع جهاز الأمن العام (الشاباك)، يرى ضرورة السماح بإدخال مساعدات إنسانية إلى القطاع، وذلك على الرغم من معارضة عدد من الوزراء الذين يرفضون إدخال أي شكل من أشكال المساعدات، في حين أن المواد الغذائية والدوائية بدأت تنفد داخل القطاع. وأضافت الصحيفة أن قيادة الجيش أوضحت للمستوى السياسي أنها لن تسمح بتدهور الأوضاع إلى درجة تجويع المدنيين، وأنها تستعد لإدخال شحنات من المساعدات الإنسانية حتى ولو بكميات محدودة، على أن يكون القرار النهائي بيد الحكومة.
من ناحية أخرى، أكد الجيش أنه لا ينوي تكليف جنوده بمهمة توزيع المساعدات مباشرة على سكان غزة، نظرًا للمخاطر الأمنية الكبيرة التي قد تنجم عن احتكاك القوات مع حشود المدنيين.
ووفقا لتقديرات الجيش، فإن أي حادثة قد يُفتح فيها النار على مدنيين فلسطينيين خلال عملية توزيع الطعام – حتى وإن تم ذلك بدافع الشعور بالتهديد – من شأنها أن تؤدي إلى موجة من الانتقادات الدولية، فضلًا عن إمكانية فتح تحقيقات وشكاوى بحق إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، وهو ما تحاول تل أبيب تجنبه في المرحلة الحالية.